رياح وأوتاد: ديموقراطيات مزعومة هندية وصهيونية وعلمانية

نشر في 05-06-2024
آخر تحديث 05-06-2024 | 21:07
 أحمد يعقوب باقر

نشرت منظمة شافي إسرائيل صورة لجنود هنود يقاتلون مع جيش الاحتلال الصهيوني، وواضح من الصورة فرحهم وهم يقتلون المسلمين من الرجال والنساء والأطفال، وهذه الصورة ذكّرتني بتصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الهندي قبل شهور، في لقاء مرئي مع إحدى المذيعات حول حرمان المسلمين من الجنسية الهندية، رغم إباحتها لكل الديانات الأخرى، حيث قال: «أينما يوجد عدد كبير من المسلمين تكون هناك مشاكل بسبب عقيدتهم التي تنص على ذلك، وإذا وصل تعداد المسلمين في أي بلد إلى 30 بالمئة يكون ذلك البلد معرّضاً للخطر»، وعندما اعترضت المذيعة قائلة، إن المادة 14 من الدستور الهندي العلماني تنص على المساواة، أجاب: «إن المادة 14 تضمن المساواة بين المتساوين، وليس كل الناس متساوين، وإن المسلمين ليسوا ضمن قائمة المتساوين».

هذا الكلام البغيض الذي يعج بالكراهية والعنصرية لم يصدر من شخص عادي، وإنما من زعيم الحزب الحاكم، الذي فاز حزبه في الانتخابات الأخيرة، وعلى مرأى ومسمع جميع الدول العربية والإسلامية التي لم نسمع من قادتهم أي ردّ أو استنكار دفاعاً عن العقيدة.

وكذلك لم تشن دوائر ومنظمات حقوق الإنسان في العالم حملة مؤثرة أو ملموسة على كلامه الذي يخالف جميع مواثيقهم.

ولم تتخذ أي دولة عربية أي إجراء تجاه الهنود الذين يعملون فيها، علماً بأن عددهم في الخليج وحده يفوق ثلاثة ملايين.

هذا التصريح العنصري من زعيم دولة ينص دستورها على علمانيتها يكشف من جديد أن العبرة هي في الإنسان وممارسته وليس فيما يُكتب بالدساتير، فقد فاز الحزب الوطني الاشتراكي بقيادة هتلر في الانتخابات الألمانية، فقتل وظلم وأشعل الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب كانت ألمانيا الشرقية تسمى ألمانيا الديموقراطية، رغم خضوعها للاتحاد السوفياتي، وفي أميركا التي تنص أهم مادة في دستورها على حرية الكلام والتعبير عن الرأي تمنع طلبة الجامعات في هذه الأيام من التعبير عن رأيهم، ويُضرَبون في الشوارع، ويُهددون بالقضاء على مستقبلهم الدراسي، والدولة الصهيونية التي تفخر بديموقراطيتها أمام العالم تقوم على الفصل العنصري، وحتى في الكويت أقسم جميع النواب على احترام الدستور، ثم قام بعضهم بمخالفات «تطزّ» العين.

العبرة أن كثيراً من الشعارات والأنظمة استغلها الإنسان لظلم الإنسان واستغلاله عنصرياً أو جسدياً أو مالياً، واستغلتها دول لقهر دول وشعوب أخرى، ويبقى أن على الشعوب أن تفكر بعقلها وتكتشف زيف المتاجرين بالشعارات، سواء كانوا دولاً أو أحزاباً أو قيادات شعبية.

back to top