ماذا لو؟!

نشر في 06-06-2024
آخر تحديث 05-06-2024 | 19:46
 حسن العيسى

لا يوجد في حركة التاريخ عبارة «ماذا لو»، فأحداث التاريخ تمضي بحتميات يقينية، قد نتصور أن الحدث يتكرر، لكنه ليس كذلك، فالجديد لا يكون مطابقاً حقيقياً لما تم فعلاً، وإنما هو أمر مختلف.

د. فواز جرجس في كتابه «ماذا حدث فعلاً» في فقرات معيّنة لا يحاسب أخطاء الماضي وإنما يعيد التذكير بها، لعل شعوب وأنظمة المنطقة (الشرق الأوسط) تتعلم من دروس الماضي.

يتساءل فواز: ماذا يمكننا أن نرى - على سبيل المثال - لو أن الرئيس عبدالناصر لم يندفع في مايو 67 حين منح إسرائيل الفرصة لمهاجمة مصر بحرب استباقية بعد شهر؟! كيف لنا أن نتخيل مصر وهي تتقدم نحو التنمية والحريات لو أن عبدالناصر طوّر مؤسسات الدولة القانونية وضرب القوى المعادية للديموقراطية وتسامح مع المعارضة السياسية السلمية؟!

كيف يمكن أن تكون الحال عليه اليوم لو أن خليفته أنور السادات اجتهد لتحقيق تنمية اقتصادية وسياسية شاملة ودائمة، عوضاً عن أن يفرش الأرض لرأسمالية المحسوبيات التي تخدم القوى الطفيلية في الداخل وإمبريالية المركز الأميركي؟ ماذا لو لم يقدم السادات على مغازلة القوى الإسلاموية حين شرع لها الأبواب لتزيح جانباً القوى العلمانية الوطنية؟ كان يمكن أن تكون مصر نموذجاً للدول العربية مما يعوق صعود نجم الإسلام السياسي في عالم اليأس العربي، ويصبح بالتالي القوة المهيمنة على وعي شعوبه.

ويمكن أن نتخيل حينئذ أن الدول العربية ستحول الجامعة العربية إلى منظمة إقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، فلم تكن المنافسة «الجيوستراتيجية» في قوتها خلال خمسينيات القرن الماضي، ولربما أصبح الاتحاد العربي قادراً على المنافسة والتقدم بدوله، بدلاً من أن تكون الجامعة منتدى خاوياً للإعاقة العروبية.

في إسرائيل: ماذا لو وافق رئيس الوزراء بن غوريون (أول رئيس وزراء) على المبادرات الدولية في منتصف خمسينيات القرن الماضي للمصالحة مع الفلسطينيين والعرب، وتخلّى عن حلم إسرائيل الكبرى؟ لكان الإسرائيليون والفلسطينيون يعيشون جنباً إلى جنب في سلام، وإسرائيل مندمجة في جوارها العربي، كان يمكن تجنّب حروب ودمار كبير استهلك اقتصاديات دول كثيرة، وقد استخدم الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لتبرير كثير من الحركات المتطرفة من الساحل الإفريقي إلى جنوب آسيا وما وراءها.

في إيران: ماذا لو لم يختطف الإسلاميون المتطرفون الثورة في 79؟ لربما ما كان لإيران بعد ذلك دور في تغذية الحركات الإسلامية في المنطقة، وما كان لصدام حسين عذر في حربه المدمرة ضد الجمهورية الإيرانية، ثم غزوه التعيس للكويت...

«ماذا لو»... رددوها كثيراً... ولكم أن تتخيلوا ماذا كان يمكن أن نكون عليه اليوم!

back to top