هم فقط يجيدون التغلغل في مفاصل الدول التي بناها المواطنون المسلمون العاديون من علمانيين أو تجار أو تكنوقراط أو غيرهم، والحزبيون والمؤدلجون منهم خصوصاً لا يعرفون ولا يتقنون سوى المزايدة وفرض الوصاية على الآخرين، ولأنهم لا يعرفون آلية وأدوات بناء وإدارة الدول أساساً، فذلك يؤدي في المقابل إلى خراب الدول القائمة في حال تمكّنهم منها.
ولكم في أفغانستان والسودان وليبيا، وما كاد يحصل في تونس ومصر، أسوة سيئة.
ولتعويض هذا العجز وفقر القدرات والإمكانات العلمية والعملية، يتجه أمثال هؤلاء إلى التوافه والشكليات، بهدف استعراض القوة وفرض الهيمنة الاجتماعية ومحاولة السيطرة على مزاج الناس وسلوكهم، لذلك لا تتعبوا قلوبكم معهم وتتعلقوا بالسراب وتخدعوا أنفسكم بانتظار أية حلول أو اقتراحات أو أفكار جدية منهم لعجز الميزانية أو الأزمة الإسكانية أو أي قضية فنية أخرى، فهم يرون ما لا ترونه، والعكس صحيح.
تخيلوا لو أن السلطة في الكويت أو دول الخليج انصاعت لطلباتهم في آخر مئة عام فقط، كيف سيكون حالنا اليوم، بدءاً من رفض دخول السيارة والدّراجة الهوائية، مروراً بتعليم البنات وتحريم التصوير والستالايت وجوال الباندا وشجرة الكريسماس، وأخيراً وليس آخراً الماراثونات؟ أمثال هؤلاء موجودون دائماً وفي كل زمان ومكان لإبقاء جذوة تأنيب الضمير مشتعلة على الدوام للاستفادة من حالات الضَّعف البشري الفردية في خدمة الحزب والتنظيم، أو تحقيق المكانة والمصلحة الشخصية، وفي كل دول العالم أمثال هؤلاء لهم صوت، ومن حقهم إبداء رأيهم، لكن لا أحد ينصاع لكلامهم، لأنهم لا يبنون الدول.