في ظل حديث عن وصول مفاوضات الوساطة بين طرفي حرب غزة إلى طريق مسدود، أصدرت 17 دولة، منها الولايات المتحدة والأرجنتين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وكندا، بيانا مشتركا يطالب إسرائيل وحركة حماس بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن أمس.
وقال البيت الأبيض إن البيان المشترك «يدعو قادة كل من إسرائيل وحماس لتقديم تنازلات نهائية ضرورية في لحظة حاسمة»، من أجل إبرام الاتفاق المتعثر.
وأوضح أن «هذه الدول تدعم بشكل كامل تحركاً باتجاه إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، وفقا للمقترح المطروح الآن على الطاولة» في إشارة إلى خريطة الطريق التي أعلن خطوطها العريضة الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة الماضي، والتي تضمنت 3 مراحل تفضي إلى وقف إطلاق النار وانسحاب كل القوات الإسرائيلية من القطاع الفلسطيني المحاصر.
ولفت البيت الأبيض إلى أن البيان ينص على أنه «حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة، ومقترح بايدن هو نقطة البداية».
ووفقا للبيت الأبيض، شارك في البيان زعماء كل من الأرجنتين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وكولومبيا والدنمارك وفرنسا وبولندا والبرتغال ورومانيا وصربيا وإسبانيا وتايلند.
تعثر التفاوض
ونقلت «رويترز» عن مصادر مطلعة أن المحادثات التي يشارك فيها وسطاء قطريون ومصريون وأميركيون مستمرة، لكن لم تظهر أي إشارات على قرب إحراز تقدم كبير.
ولفتت الوكالة إلى أن الوسطاء من مصر وقطر أجروا مقابلات منفصلة مع مسؤولين من «حماس» ومسؤولين أميركيين في الدوحة، وأنه لا توجد مؤشرات على قُرب التوصل إلى اتفاق.
وبحسب المصادر فإن «حماس» أعربت عن تخوفها من بعض بنود الاقتراح خصوصا في إطار المرحلة الثانية.
وأمس، أدلى القيادي بالحركة سامي أبوزهري بتصريحات حملت «نصف رفض» لخريطة الطريق التي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق بـ«غير المكتملة» والتي تسمح باستئناف القتال للقضاء على الحركة عسكريا بعد إتمام المرحلة الأولى والانتقال إلى المرحلة الثانية.
وقال أبوزهري إن «الورقة التي يعتمد عليها المشروع الأميركي وهي الورقة الإسرائيلية ليس فيها أي إشارة إلى وقف الحرب والانسحاب».
وأضاف أن «حماس ملتزمة بمقترحها الذي قدمته في الخامس من مايو الماضي والقائم على وقف القتال والانسحاب الإسرائيلي واتفاق تبادل الرهائن بالسجناء الفلسطينيين ورفع الحصار عن القطاع».
وأمس الأول، ذكرت الحركة أن مقترح السلام الذي وصل إليها لا يُطابق المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي، في خطابه الأسبوع الماضي، إذ فشل المقترح بالمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع واكتفى بالدعوة لوقف مؤقت للقتال.
وشددت «حماس» على أنه «لا معنى لأي اتفاق لا ينص صراحة على وقف إطلاق النار الدائم، ولا معنى لاتفاق يسمح ببقاء قوات الاحتلال على أرضنا».
مجزرة النصيرات
ميدانياً، قتل الجيش الإسرائيلي 40 نازحاً، بينهم 14 طفلاً و9 نساء، في «مجزرة مروعة» قصف خلالها عدة غرف تؤوي عشرات النازحين في مدرسة تابعة لوكالة «أونروا» في مخيم النصيرات، وسط غزة.
كما أدى القصف الغاشم الذي تم بثلاثة صواريخ من طائرات حربية إلى إصابة 74 نازحاً بينهم 23 طفلاً و18 امرأة.
وترافق ذلك مع استمرار القصف الإسرائيلي المدفعي والجوي على عموم مناطق القطاع الساحلي المحاصر ما تسبب في مقتل 65 شخصا أغلبهم من المدنيين خلال الـ24 ساعة الماضية.
في المقابل، أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، تنفيذ عملية اختراق للسياج الفاصل بين رفح والبلدات الإسرائيلية بغلاف غزة، وأكدت قتل 5 من جنود الاحتلال في كمين بوسط مدينة رفح الحدودية مع مصر.
وتحدثت تقارير عبرية عن حادث استثنائي بعد تسلل عناصر «حماس» خلف الخطوط الفاصلة ومهاجمتها لمقر قيادة عمليات رفح. وأوضحت أن العناصر تمكنت من استغلال أحد الأنفاق التي لم يكتشفها الجيش الإسرائيلي.
من جهته، زعم الجيش الإسرائيلي أنه قتل 3 مسلحين بقصف جوي من طائرة مسيّرة وبقصف من دبابة خلال ما وصفه بأنه إحباط تسلل لخلية قرب السياج الحدودي بمنطقة كرم أبوسالم، وهو ما عزز تخوف سكان المستوطنات اليهودية الذين يرفضون العودة إلى مساكنهم قرب القطاع في ظل استمرار الحرب التي تدخل غدا شهرها التاسع.
وتحدث الجيش الإسرائيلي عن تخفيض قواته برفح وسحب لواء «بيتسلاخ» وإبقاء 5 ألوية أخرى بالمدينة التي أمرت محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية فيها أخيراً. كما زعم أنه اكتشف نفقا ضخما وغير مسبوق يربط المدينة بسيناء المصرية عبر «محور فيلادلفيا».
وجاء ذلك في وقت كشف مسؤولون أميركيون وإسرائيليون لـ «رويترز» أن «كتائب حماس» خسرت نحو نصف مقاتليها خلال الحرب ما بين 9 آلاف إلى 12 ألفا، وباتت تعتمد على أساليب الكر والفر ونصب الكمائن لإحباط محاولات إسرائيل للسيطرة على القطاع، وكسب مرونة تمكنها من الاستمرار في ساحة المعركة لأشهر طويلة.
انهيار السلطة
من جهة أخرى، حذّر جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» من مغبة انهيار السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة جراء سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة.
وأرسل «الشاباك» تحذيرا استراتيجيا إلى القيادة السياسية ومؤسسة الأمن بأن الإجراءات التي تضيّق على السلطة الفلسطينية ماليا وسياسيا قد تؤدي إلى انهيارها اقتصادياً وإحداث فوضى على الأرض «تؤدي إلى تقوية حماس بالضفة وتنفيذ سلسلة هجمات».
على صعيد آخر، أعلن وزير خارجية إسبانيا، خوسيه مانويل ألباريس، أن بلاده ستنضم إلى دولة جنوب إفريقيا في دعواها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لأن «الإجراءات الاحترازية» التي فرضتها الهيئة التابعة للأمم المتحدة بشأن رفح وغزة «لا تطبق، ويبدو أن تطبيقها لا يزال بعيداً».
إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن لدى موسكو خططاً لتنظيم محادثات جديدة بين جميع القوى الفلسطينية في موسكو بهدف ترتيب البيت الداخلي ودفع جهود التوصل إلى «حل الدولتين».
وأوضح أن خطوات موسكو تتكامل مع جهود الصين التي تستضيف وزارة خارجيتها اجتماعا بين «حماس» و«فتح» منتصف الشهر الجاري لبحث جهود المصالحة الفلسطينية وترتيبات ما بعد الحرب.