في رد على موافقة نظيره الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية ضد أهداف داخل روسيا، هدد الرئيس فلاديمير بوتين بتسليح دول ثالثة لضرب المصالح الغربية، إضافة إلى نشر صواريخ تقليدية على مسافة قريبة من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إذا سمحوا لأوكرانيا بتوجيه ضربات في عمق روسيا.

وقال بوتين، في أول اجتماع مباشر له مع كبار محرري وكالات الأنباء الدولية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، «إذا كان أحد يعتقد أنه يمكن تقديم أسلحة مماثلة في منطقة المعارك لضرب أراضينا لماذا لا يكون لنا الحق في إرسال أسلحتنا من الطراز نفسه إلى مناطق في العالم توجه فيها ضربات إلى منشآت حساسة تابعة للدول التي تتحرك ضد روسيا؟».

Ad

واعتبر أن الغرب مخطئ إذا افترض أن روسيا لن تقدم أبداً على استخدام الأسلحة النووية، محذراً من الاستخفاف بالعقيدة النووية للكرملين، ومشددا على أن روسيا «ستفكر في الأمر»، ووصف بـ «الهراء» الأحاديث التي تشير إلى وجود نوايا روسية لمهاجمة دول حلف شمال الأطلسي.

وخص بالذكر الصواريخ بعيدة المدى التي تحصل عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وألمح إلى أنه قد يتحرك لتسليح القوات التي تحارب مصالح تلك الدول بالخارج، ولم يستبعد نشر صواريخ تقليدية على مسافة قريبة من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

وقال: «إذا رأينا أن هذه الدول تنجر إلى حرب ضد روسيا، فإننا نحتفظ بالحق في التصرف بالطريقة نفسها. بشكل عام، هذا طريق يؤدي إلى مشاكل خطيرة جداً».

وتحدث بوتين إلى الصحافيين لأكثر من ثلاث ساعات في برج غازبروم المشيد حديثا، والمكون من 81 طابقا، قبل انعقاد المنتدى الاقتصادي الدولي السنوي في سان بطرسبرغ، ولم يذكر بوتين تفاصيل عن الموقع الذي يدرس إرسال مثل هذه الصواريخ إليه.

وتزيد تصريحات بوتين من احتمال قيام موسكو بتزويد جماعات تقف ضد المصالح الغربية بصواريخ بعيدة المدى في مناطق تشهد توترا مثل الشرق الأوسط.

العواقب آتية

من جانبه، حذر «الكرملين» من عواقب على الدول الغربية التي تزود أوكرانيا بأسلحة تضرب بها الأراضي الروسية بشكل مباشر. وقال المتحدث باسم «الكرملين» دميتري بيسكوف، في رد على سؤال عما إذا كان الكرملين سيحدد الدول أو المناطق التي قد تزودها روسيا بأسلحة بهذه الطريقة، «بالطبع لا. الرئيس قال بالضبط ما يريد أن يقوله، وهذا تصريح مهم جدا وشفاف جدا، الإمداد بأسلحة لإطلاقها علينا لا يمكن أن يمر من دون عواقب، وهذه العواقب آتية لا محالة».

وتحدث نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الرئيس السابق دميتري ميدفيديف، الذي برز كواحد من أكثر الداعمين لمواقف الكرملين، أمس، بالتفصيل عما تفكر فيه موسكو، قائلاً إن كلمات بوتين تمثل «تغييراً مهما جداً» في السياسة الخارجية الروسية.

وأضاف ميدفيديف: «دعوا الولايات المتحدة وحلفاءها يشعرون الآن بالاستخدام المباشر للأسلحة الروسية من أطراف ثالثة. لم يتم ذكر أسماء هؤلاء الأشخاص أو المناطق عمدا، لكن يمكن أن يكونوا أي شخص يعتبر بيندوستان (كلمة روسية مهينة للولايات المتحدة) ورفاقها أعداء».

وأردف أنه «بغضّ النظر عن معتقداتهم السياسية والاعتراف الدولي بهم. عدوهم هو الولايات المتحدة، لذا فهم أصدقاؤنا». وتحدث عن احتراق ما سماها «منشآت حساسة» تابعة للولايات المتحدة وحلفائها، بعد أن ضربتها صواريخ روسية أطلقها «أطراف ثالثة»، وقال: «سنبتهج بضرباتهم الناجحة بأسلحتنا ضد أعدائنا المشتركين!».

قوات «ناتو»

في المقابل، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أمس، أنه لا خطط لنشر قوات في أوكرانيا التي يزودها العديد من أعضاء الحلف بأسلحة منذ بدء الغزو الروسي.

وقال ستولتنبرغ، خلال زيارة لفنلندا، «لا خطط لحلف شمال الأطلسي لنشر قوات في أوكرانيا» مضيفا أن التكتل الدفاعي يريد «التزاما ماليا بعيد الأمد لضمان وقوفنا إلى جانب أوكرانيا مهما استغرق الأمر»، وتابع: «على مدى الأشهر الماضية، شهدنا بعض الثغرات وبعض التأخير في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، ونريد أن نضمن أن ذلك لن يحدث مرة أخرى».

وهذه أول زيارة يجريها ستولتنبرغ لفنلندا منذ انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي في أبريل 2023، على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعد عقود من عدم الانحياز العسكري. وردا على سؤال بشأن خطر وقوع هجوم روسي على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، أجاب ستولتنبرغ: «لا نرى تهديدا عسكريا وشيكا ضد أي عضو في ناتو، والفكرة بوجود نوع من العد التنازلي لحرب قادمة خاطئة».

بدوره، أعلن القائد الأعلى للحلف كريستوفر كافولي أن «ناتو مستعد للقيام بدفاع إقليمي جماعي»، مشيرا إلى أن الدول الأعضاء في التحالف «تحتاج إلى بناء المزيد» من المعدات العسكرية لمواجهة التهديد الروسي المتزايد.