أكد مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي أن مركز دراسات مجلس الشورى أجرى دراسة وإحصاء مستعجلاً وسرياً بناء على طلب المرشد حول الظروف الحالية للجمهورية الإسلامية فيما يخص الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 28 الجاري.

وبحسب الإحصاء، فإن الاستياء الشعبي العام من الظروف الاقتصادية والاجتماعية بات في أوجه، إذ أوضح 90 في المئة من الذين تم استطلاع آرائهم أنهم لا يريدون المشاركة بالتصويت لفقدانهم الأمل في قدرة الانتخابات على التغيير أو حل المشاكل، أو لأنهم يعتقدون أن المرشحين لا يمكن أن يمثلوهم ويمثلوا رأيهم في ظل التوقعات شبه المؤكدة بقيام مجلس صيانة الدستور بتمرير مرشحين بأعينهم بهدف «هندسة الانتخابات» لمصلحة التيارات السياسية السائدة.

Ad

وقال المصدر، لـ «الجريدة»، إن الإحصاء أظهر أن أقل من 10 في المئة أكدوا أنهم سيشاركون في التصويت على أية حال، لافتاً إلى أن العزوف الواسع عن المشاركة لم يعد حصراً على الإصلاحيين أو غير المنتمين للتيارات السياسية المختلفة، بل المفاجأة أن الجمهور المحافظ بات معارضاً للتصويت في الانتخابات، وهو ما يعكس مدى الإحباط الحاصل في الشارع الإيراني.

وبيّن أن نسبة تزيد على 60 في المئة من الذين أكدوا مشاركتهم في التصويت قالوا إنهم سيدعمون الرئيس الشعبوي الأسبق محمود أحمدي نجاد، في حين أشار نحو 10 في المئة إلى أنهم سيمنحون أصواتهم لرئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، ونفس النسبة قالت إنها ستؤيد سلفه علي لاريجاني. وفي حين حصل سعيد جليلي على تأييد ما نسبته أقل من 5 في المئة من المشاركين المحتملين بالتصويت، أكد 95 في المئة من داعمي نجاد أنهم لن يصوتوا لأي مرشح آخر إذا تم إقصاء الرئيس الأسبق من خوض السباق.

وأعرب المصدر عن خشيته من احتمال تدني نسبة المشاركة إلى ما دون الـ 25 في المئة في حال إقدام «صيانة الدستور» على استبعاد نجاد من الترشح، كاشفاً أن جل أعضاء المجلس تحدثوا خلال اجتماع مع المرشد عن اعتقادهم بأنه من غير المصلحة أن يتم السماح لنجاد ولاريجاني والمرشحين الإصلاحيين مثل إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الأسبق حسن روحاني، بدخول المعترك الانتخابي، لتفادي احتمالية نجاح أحدهم وقلب موازين القوى السياسية وإدخال البلد في صراع محتدم، لا نهاية له، بين حكومة غير محافظة وبرلمان متشدد.

وأشار المصدر، الذي شارك في الاجتماع، إلى أن معظم أعضاء «صيانة الدستور» يدفعون باتجاه هندسة الانتخابات لمصلحة التيار المحافظ المتشدد، والسماح لما بين أربعة وثمانية مرشحين بخوض السباق، وأن يختار الجمهور واحداً منهم، مع عدم الاكتراث بنسبة المشاركة الشعبية، في حين أن خامنئي يخشى من أن نسبة المشاركة القليلة جداً يمكن أن تضعف موقف الرئيس المقبل في المحافل الدولية.

وتحدث المصدر عن معضلة أخرى تواجه صانع القرار في طهران بعد تسجيل عدد كبير جداً من الشخصيات والوجوه السياسية البارزة لخوض الاستحقاق، وهو ما يعقّد مهمة «صيانة الدستور» الذي سيختار بين إقصاء العديد من الوجوه اللامعة وبين السماح لعدد كبير بخوض الانتخابات وتكسير الكتل التصويتية، وبالتالي عدم حصول أي مرشح على نسبة مقبولة لتولي منصب رئيس الجمهورية الذي يحتمل أن يُحسَم بجولة إعادة وبنسبة مشاركة أقل من 10 في المئة.

وقال إن صانع القرار مخير بين احتمالين، أحلاهما مر، إذ يدرك الجميع أن السماح لشخصيات مثل نجاد وجهانغيري ولاريجاني بخوض الاستحقاق سيعزز فرص المشاركة الشعبية الكبيرة جداً، لكنها مخاطرة بفقدان سيطرة النظام التامة على منصب رئيس الجمهورية الذي تم تأمينه خلال الانتخابات الماضية التي خلت من أي منافس بارز للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.