أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية أمس الأول التصنيف السيادي لدولة الكويت عند المرتبة (+A) مع نظرة مستقبلية مستقرة، لافتة إلى أن الإنفاق الحكومي المرتفع، بما فيه فاتورة الأجور والرواتب الكبيرة جداً، يضمن عدم تكرار الفوائض الكبيرة في الحسابات المالية.
وذكرت الوكالة، في تقريرها الذي أورده بنك الكويت المركزي، أن الكويت عانت عجزاً طوال السنوات العشر الماضية باستثناء السنتين الماليتين 2013-2014 و2014-2015، مرجحة استمرار العجوزات المالية خلال السنوات المالية من 2023/2024 حتى 2027/2028.
وتوقعت تسريع الكويت تنفيذ المشاريع الاستثمارية الحكومية الكبيرة والتركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص إلى جانب المشاريع مرتفعة التأثير التي تقودها رؤية «كويت 2035».
وحول الإصلاحات المالية، توقعت الوكالة أن تتجه السلطات الكويتية إلى فرض ضرائب انتقائية جديدة على التبغ والمشروبات السكرية مع زيادة الرسوم على عدة خدمات حكومية، مشيرة إلى أن الحكومة تناقش حالياً فرض حد أدنى لضريبة الدخل على الشركات الكبرى وإقرار قانون للدين العام، وبدون هذا القانون ستظل الحكومة غير قادرة على الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية للمساعدة في تغطية متطلباتها التمويلية لسد العجوزات في الموازنة العامة.
وأضافت أن الإصلاحات المالية الأخرى الهادفة إلى خفض فاتورة الأجور تبقى مهمة، ولكنها قيد المناقشة، مع سعي الحكومة إلى زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص.
وعلى صعيد القطاع المالي، لا تتوقع الوكالة ظهور التزامات طارئة كبيرة على الحكومة ناشئة عن القطاع المصرفي الكويتي، إذ أظهر القطاع مرونة قوية وسلامة مالية على مدى السنوات الماضية، متوقعة في الوقت ذاته أن يشهد الائتمان المحلي نمواً متواضعاً في عامي 2024 و2025، ثم يرتفع خلال 2026 و2027.
ورأت «ستاندرد آند بورز» أن المخصصات الكبيرة لدى البنوك المحلية ستسمح لها بالحد من زيادة نسبة القروض غير المنتظمة، والتي جاءت بالفعل عند مستوى منخفض جداً بواقع 1.4 في المئة في نهاية ديسمبر 2023.
وفي تفاصيل الخبر:
ذكر بنك الكويت المركزي أن وكالة ستاندرد آند بورز العالمية أكدت أمس الجمعة التصنيف السيادي لدولة الكويت عند المرتبة +A، مع نظرة مستقبلية مستقرة، معتبرة أن التصنيف جاء مدعوما بمخزون ضخم من الأصول المالية الحكومية المقدرة بنحو 418 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2024.
وقال «المركزي»، في بيان لـ«كونا»، إن تقرير «ستاندرد آند بورز» أشار إلى أن الإصلاحات الهيكلية والمالية في الكويت لا تزال متأخرة عن أقرانها، ويعتبر اقتصادها من بين أكثر الاقتصادات اعتمادا على القطاع النفطي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مما يعرض اقتصادها لتقلبات سوق النفط.
وعلى صعيد القطاع المالي والمصرفي لا تتوقع الوكالة ظهور التزامات طارئة كبيرة على الحكومة ناشئة عن القطاع المصرفي الكويتي، إذ أظهر القطاع مرونة قوية وسلامة مالية على مدى السنوات الماضية، متوقعة أن يشهد الائتمان المحلي نموا متواضعا في عامي 2024 و2025، ثم يرتفع في السنوات 2026 و2027.
وقال المركزي إن «ستاندرد آند بورز» ترى أن المخصصات الكبيرة لدى البنوك المحلية ستسمح لها بالحد من الزيادة في نسبة القروض غير المنتظمة، والتي هي بالفعل عند مستوى منخفض جدا عند نحو 1.4 في المئة في نهاية ديسمبر 2023.مخاطر اقتصادية
وذكر البيان أن «ستاندرد آند بورز» توقعت أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا بنسبة 2.4 في المئة في المتوسط خلال السنوات (2025-2027) مقارنة بانكماش نسبته 2.3 في المئة عام 2024، وذلك بافتراض التخفيف البسيط في قيود اتفاق «أوبك +» على إنتاج النفط.
وأفاد بأن الوكالة توقعت أيضا تسريع تنفيذ المشاريع الاستثمارية الحكومية الكبيرة والتركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمشاريع مرتفعة التأثير التي تقودها رؤية «كويت جديدة 2035».
وعلى صعيد آفاق التصنيف ذكر البيان أن النظرة المستقبلية المستقرة تعكس افتراض الوكالة استمرار قوة الموازين المالية والخارجية الكبيرة في الكويت خلال فترة التوقعات مدعوما بمخزون ضخم من الأصول المالية الحكومية المقدرة بنحو 418 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، وهي من بين أكبر الصناديق السيادية للدول التي تصنفها الوكالة.
وأشار إلى أن الوكالة توقعت أن تصل تلك الأصول إلى ما نسبته 447 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2024-2027، مضيفا أن هذه الأصول الحكومية الضخمة من المتوقع أن تخفف من المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالاعتماد الكبير على القطاع النفطي والتقلبات المحتملة في أسعار النفط.
اختلالات المالية العامة
وأوضح أن الوكالة عددت أهم العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني السيادي للدولة، وذلك في حال الارتفاع الكبير في اختلالات المالية العامة مدفوعا بانخفاض أسعار النفط أو غياب الإصلاحات المالية، كما يمكن تخفيض التصنيف في حال بقاء الحكومة دون ترتيبات تمويل شاملة للعجوزات في الموازنة العامة.
ولفت إلى أن الوكالة ذكرت أنه يمكن تحسين التصنيف الائتماني للدولة في حال نجاح الحكومة في تنفيذ حزمة إصلاحات هيكلية شاملة كتنويع الاقتصاد بعيدا عن القطاع النفطي وزيادة قدرته الإنتاجية، مما يؤدي إلى آفاق أقوى للنمو.
وعن مبررات التصنيف، أشارت الوكالة حسب التقرير إلى أن الاقتصاد الكويتي لا يزال معتمدا إلى حد كبير على القطاع النفطي الذي يمثل ما يقارب نحو 90 في المئة من الصادرات والإيرادات الحكومية، ونحو 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إذ ساهم هذا القطاع بشكل كبير في تحقيق فوائض كبيرة في الميزان التجاري والحساب الجاري على مدى عقود.وأوضحت أن الإنفاق الحكومي المرتفع بما فيه فاتورة الأجور والرواتب الكبيرة جدا يضمن عدم تكرار الفوائض الكبيرة في الحسابات المالية، إذ عانت الكويت من عجز طوال السنوات العشر الماضية باستثناء سنتين ماليتين هما (2013-2014) و(2014-2015)، متوقعة استمرار العجوزات المالية في السنوات المالية (2023/2024 – 2027/2028).
ضرائب انتقائية
وحول الإصلاحات المالية، توقعت الوكالة أن تتجه السلطات الكويتية إلى فرض ضرائب انتقائية جديدة على التبغ والمشروبات السكرية وزيادة الرسوم على مجموعة من الخدمات الحكومية، مشيرة إلى أن الحكومة تجري حاليا مناقشة فرض حد أدنى لضريبة الدخل على الشركات الكبرى وإقرار قانون للدين العام، وبدون هذا القانون ستظل الحكومة غير قادرة على الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية للمساعدة في تغطية متطلباتها التمويلية لسد العجوزات في الموازنة العامة، كما أن الإصلاحات المالية الأخرى الهادفة إلى خفض فاتورة الأجور تبقى مهمة، ولكنها قيد المناقشة وتسعى الحكومة إلى زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص.
أما على صعيد تطورات الموازنة العامة فقد قدرت الوكالة عجز الموازنة في السنة المالية 2023-2024 بنحو 4.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما قدرت بأن العجز في السنة المالية 2024-2025 سيتقلص إلى 3.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وحول السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف توقعت «ستاندرد آند بورز» أن يستمر ارتباط سعر صرف الدينار بسلة موزونة غير معلنة من العملات، مشيرة إلى أن معدل التضخم السنوي في الكويت بلغ نحو 3.6 في المئة عام 2023 منخفضا من نحو 4 في المئة عام 2022.
وأضافت أن المعدل المذكور يتجه نحو مستويات معتدلة ليصل - في المتوسط - إلى 2.3 في المئة خلال السنوات 2024-2027، لافتة إلى أن هذا المعدل لايزال أقل من المستويات المشهودة في العديد من دول اقتصادات الأسواق الناشئة ودول الاقتصادات المتقدمة، ويعزى ذلك جزئيا إلى الدعوم الحكومية الكبيرة والسياسة النقدية لبنك الكويت المركزي.