بوصلة: الاستقرار الاقتصادي
تؤدي السياسات المالية والنقدية دوراً حاسماً في تنظيم اقتصاد الدول وتحقيق الاستقرار الاقتصادي الداعم للاستقرار السياسي الذي يرتكز على القرارات الاقتصادية الصائبة، والسياسات المالية والنقدية المتوازنة، فالسياسة المالية هي عبارة عن سلسلة من الإجراءات والقرارات التي تتخذها الحكومة لتنظيم الإيرادات والنفقات، وتهدف إلى تحقيق التوازن المالي ودعم النمو الاقتصادي ومكافحة التضخم والبطالة، وضبط المصروفات، وتتأثر بحالة الاقتصاد وبأهداف الحكومة الاقتصادية، ومن أدواتها: الإنفاق الحكومي، الديون العامة والخاصة، الضرائب والإيرادات.
أما السياسة النقدية فتتعلق بالإجراءات التي تتخذها السلطة النقدية من أجل ضبط كمية النقد المتداول في الاقتصاد بغية تحقيق أهدافها المرتبطة بالاستقرار المالي من خلال الحد من التضخم الذي يؤثر على استقرار الأسعار ويقلل من قوة العملة. وتلتقي مع السياسة المالية في ضبط التضخم ودعم النمو الاقتصادي، ومن أدواتها: السياسة النقدية المفتوحة، والتحكم بمعدلات الفائدة للتأثير على التوازن بين الاقتراض والادخار.
فالدولة لا يمكن أن تستقر من دون سياساتها الاقتصادية المحكمة والمتطورة والمبتكرة والجامعة ما بين الاقتصاد الرقمي والدائري بتناغم وتجانس، والداعمة لتنويع مصادر الدخل، والمعالجة لكل الاختلالات الهيكلية المزمنة، والواضعة ركائز أساسية لتنمية الموارد البشرية والطبيعية والاستثمارية والمالية والعقارية والتكنولوجية والصناعية والفكرية كافة حتى نضمن استدامة إيرادات الدولة وفق رؤيتها الإستراتيجية وهويتها الاقتصادية.
ولكن كيف سنضمن استدامة الاستقرار الاقتصادي من دون تمكين الكفاءات المتخصصة والقيادات الاستراتيجية، ومتخذي قرار متمكنين ومطلعين على جميع قواعد البيانات المرتبطة بتحليل وتنبؤ التوجه العالمي والإقليمي والمحلي في مجال الاقتصاد والسياسات المالية والنقدية، ولديهم القدرة على استقاء المعلومات الاقتصادية من مؤشراتها ومصادرها المتنوعة، كتقارير بلومبيرغ، إنفستنغ، ماركت ووتش، الإيكونوميست، البنوك المركزية، بلومبيرغ فيو، الفاينانشال تايمز، فوربس، وول ستريت جورنال، بزنز إنسايدر، سي إن بي سي، البنك الدولي، منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، وغيرها من المصادر الإخبارية والدراسات الفنية والتحليلات المختصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي، والتضخم وأسعار الخدمات والسلع، وبأداء أسواق المال والسندات والصكوك، وأسواق الطاقة، وأسعار العملات والمعادن الثمينة، وأدوات الاستثمار وقطاعاته، وأداء القطاع العقاري، والمدفوعات المحلية والتحويلات الخارجية، ومدى تأثيرها على مشاريع التنمية المستدامة وإنعكاسها على حجم الإنفاق الرأسمالي في الميزانية العامة للدولة بعيداً عن الهدر.
فهل سيستوعب اقتصادنا بسياساته الحالية كافة المتغيرات الدولية والإقليمية، ويحقق نمواً أعلى من التوقعات؟ وهل التوجهات المحلية في إعادة هيكلة الجهاز الحكومي وإصلاح المالية العامة ومعالجة الاختلالات الهيكلية وتنويع مصادر الدخل وتنظيم سوق العمل واللحاق بركب الأهداف الأممية للتنمية المستدامة ستوصلنا إلى الاستقرار الاقتصادي المنشود؟