أعلنت الحكومة توفير 15 ألف وظيفة للباحثين عن عمل من المسجلين في نظام التوظيف المركزي، وأن ذلك يأتي ضمن إطار خطة الاحتياجات الوظيفية بناء على التخصص ومعايير موضوعية تضمن العدالة وتكافؤ الفرص.

لا شك في أن ما قامت به الحكومة خطوة عاجلة ومطلوبة، لكنها بالتأكيد لن تكون كافية في قادم الأيام، لأنّ أعداد الخريجين السنوية تزيد على العدد المذكور وتتراكم كل عام حتى تبلغ - كما صرّح سمو الشيخ محمد الصباح - 300 ألف خلال السنوات العشر المقبلة، وهذه الأعداد لن تكون الحكومة قادرة على استيعابها ولا القطاع الخاص الصغير حالياً، وليس الحل بإحالة أعداد كبيرة من الموظفين إلى التقاعد وهم في سن الشباب والعطاء، وبالتالي خلق مشكلة جديدة اجتماعية ومالية وتأمينية.

Ad

إن الحل الاقتصادي السليم هو خلق العديد من فرص العمل الجديدة والمنتجة في القطاعين العام والخاص، وتحرير الأراضي لمختلف الأنشطة الاقتصادية المالية والتجارية والصناعية والخدمية، مع تخصيص أجزاء منها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وجزء آخر يخصص للشركات الكبيرة، إمّا منفردة أو بالاشتراك مع الحكومة في مشروعات تجارية أو صناعية كبيرة نفطية أو غيرها، كل ذلك وفق جدوى اقتصادية تخلق المزيد من فرص العمل.

وعلى سبيل المثال، لماذا لا يكون عندنا في المناطق الجديدة أماكن مخصصة للمدارس الخاصة تنافس الحكومية، وأسواق مركزية خاصة تنافس الجمعيات التعاونية، ومراكز خدمية تنافس الشويخ والري الصناعية؟ وكلها يجب أن يملكها ويديرها الشباب الكويتيون الذين يضطرون الآن للتأجير في المناطق الحالية بمبالغ كبيرة تحول دون الاستمرار والتوظيف.

كذلك لا بُد من الإسراع في إقرار البديل الاستراتيجي لنظام الرواتب، وضبط الإنفاق، وربط التعليم والبعثات بحاجات سوق العمل فقط، وربط دعم الحكومة للكهرباء والماء وغيرها بتوظيف الكويتيين، ولا بُد كذلك من تسهيل واختصار الدورة المستندية لكل من مشاريع الدولة ومعاملات القطاع الخاص.

وقد لا يكون كل هذا كافياً لاستقبال الأعداد الهائلة القادمة، ما لم يتم تطوير العمل الحكومي بالتوصيف الوظيفي، وضبط الإنتاجية، والثواب والعقاب، والحضور والانصراف والإجازات.

هذه خطوات مهمة ضمن منظور الإصلاح الاقتصادي، وقد جاءت في توصيات جميع الاقتصاديين الذين درسوا الحالة الكويتية، ولا شك في أنها تحتاج إلى جهد دقيق وصبر ومثابرة، لكن من المؤكد أن الأخذ بها الآن بعد سنوات طويلة من التأخير والمماطلة أصبح شرطاً لتوفير حياة كريمة لمئات الآلاف من الأسر الكويتية في المستقبل.