لنضع أكاذيب ودعاوى الأمس جانباً
نظرت وأنظر بغير ارتياح إلى بعض كلمات الترحيب التي تردَّدت بكثرة في تأييد وتمجيد تزكية صاحب السمو لولي العهد سمو الشيخ صباح الخالد، وبالذات جملة أو وصف «نظيف اليد».
طبعاً سبب عدم الارتياح ليس لأنها وصف غير دقيق أو مخالف - معاذ الله- لحقيقة أمانة سمو ولي العهد، لكن لأنني أجد فيها امتداداً وتأثراً عميقاً بتخاريف وخزعبلات المناكفين والغوغائيين الذين أراحنا منهم حل المجلس.
هذا التركيز على «نظيف اليد» تعني، مع الأسف، أن غير سمو ولي العهد، أو بالأحرى مَنْ سبقه، غير نظيف، وهذه إدانة غير حصيفة لمسؤولينا وقياديينا السابقين. والأخطر أنها سقوط شنيع في فخ، بل وأحضان الغوغاء والمدلسين، الذين لم يتركوا أحداً من القياديين دون أن يتهموه بالفساد والاختلاس، وغيرها من تهمٍ ملفقة. بينما الحقيقة والواقع أنه لا أساس لهذه التُّهم، وأن الضجيج الذي أُثير حول محاربة «الفساد» في السابق كان الهدف منه فقط إبعاد الآخرين، وتشويه سُمعة الطيبين- بمن فيهم سمو ولي العهد - وتمهيد الطريق للعبث والفساد الحقيقي الذي لمسناه بوضوح وشدة عند تسيُّد المعارضة الوهمية للمجلس والحكومة.
لقد كان الفساد الوحيد، بمجلس الأمة، في أعضائه الذين تركوا التشريع، وتخلَّوا عن التنمية، وتفرغوا لإرضاء وتملق ناخبيهم عبر الواسطات والتعيينات والترقيات ووعود المِنح والعطايا، وأخيراً الطامة الكبرى ابتزاز الحكومة والوزراء.
يجب أن نتحرَّر من سطوة وهيمنة الانحراف الذي ساد الساحة السياسية في الفترة السابقة، فما طرح بالسابق من فساد وشبهات اختلاس لم يكن أكثر من لغوٍ وضجيج، لم يسمن أحداً ولم يغنِ حتى مَنْ تغنَّى به من جوع.
سياسيو الفترة السابقة لم يكن لديهم برنامج، ولم يكن لديهم نظرة مستقبلية للبلد، لهذا استبدلوا كل ذلك بإثارة الضجيج حول الفساد ومحاربة الاختلاسات والسرقات الوهمية.
آن أوان التخلي عن الأماني والكلمات الإنشائية، ويجب الكف عن إطلاق التُّهم، وأن ينهش بعضنا بعضاً، بل يجب التخلي حتى عن محاولات الإصلاح المزعومة. فما هو مطلوب، عمل وطرح خطط وبرامج عملية للتنمية، لانتشال البلد من التدهور والانحلال الذي سببه الإنفاق الريعي واقتصاد النفط.
لنبدأ عهد الثقة بالنفس، وبأبناء الوطن، فالكل نزيه، والكل أمين، والكل كفؤ، حتى يثبت الواقع، وليس الاتهامات واللغو، غير ذلك.