من مسرحية «الملك هو الملك» لسعد الله ونوس، هناك مشهد حوار بين عرقوب الذي يمثل المثقف الحر، والسياف الذي يرمز للسلطة، سواء كانت سلطة الحكم أو السلطة الاجتماعية التي تقمع العقل النقدي.

عرقوب: الحرب بين المسموح والممنوع قديمة قدم البشرية. الدهماء الرعاع ولنا من الأسماء ما لا يحصى.

Ad

السياف: والعظام والملوك. الأمراء السادة ولنا من الأسماء ما لا يحصى.

عرقوب: نحن نشد.

السياف: ونحن نشد.

عرقوب: أن نتوهم.

السياف: مسموح... والمسموح على قدر الممنوع. وفي التوازن السلامة والأمان.

عرقوب: أن نتخيل.

السياف: مسموح.

عرقوب: أن يتحول الخيال إلى واقع.

السياف: ممنوع.

عرقوب: أو تتحد الأحلام وتتحول إلى أفعال.

السياف: ممنوع.

عرقوب: تلك الحكمة القديمة المأمونة، التي تسير على هديها دولتنا الميمونة، المسموح على قدر الممنوع.

في ذلك المشهد الحواري، المثقف أو السياسي المعترض يبحث عن حدود المسموح في التعبير عن حرية الضمير، من خلال النقد وعرض الرأي الآخر المخالف، فيقوم السياف بدوره برسم الحدود لما هو مسموح، وحدوده أن يبقى أسير النفس المتبرمة والخيال السارح بالأحلام ولا يخرج عنهما، وإذا فعل فعندها يتحرك سيفه ليهوي على الرقاب أو يقذف بأصحابها في غياهب السجون، وذلك يتم بحكم القانون وحكم القضاء الذي يعمل القانون، فلماذا الخلاف على أمر يقتضيه القانون؟ فهذا القانون هو كلمة صاحب السيادة، وعلى الرعية الطاعة، ولهم أن يتخيلوا ويحلموا كما يريدون، ولكن ليس لهم أن يعترضوا أو يستمعوا للرأي الآخر، فلا مكان لهذا الرأي الآخر إلا في مملكة الخيال والحكايات الوهمية، مثلما ختم ميمون وعزة المشهد المسرحي.

الكل يتحدثون ويهتفون من منبر واحد بلغة واحدة وحنجرة واحدة، والجميع عليهم أن ينصتوا لصوتهم الواحد، فلا مكان للصوت الثاني.