مع تنامي واتساع أعداد الأشخاص المعرّضين سياسياً وتشابك الجهات المعنية بتطبيق الإجراءات على من يصنّفون بأنهم من الفئة العالية المخاطر، يبرز الكثير من المطالبات بضرورة إجراء التعديلات المناسبة على القوانين المقيدة لأعمال وحريات المعرّضين سياسيا مدى الحياة بل حتى بعد وفاتهم، واستبدالها بفترة زمنية، كالمعمول به في أغلب الدول المتقدمة تشريعياً في هذا الملف.
وقالت مصادر معنيّة لـ «الجريدة»، إن ملف المعرضين سياسيا يربك المرخص لهم من الجهات الرقابية، وتم نقل العديد من وجهات النظر في هذا الصدد بأهمية إجراء تعديلات على مواد القانون 106 لعام 2013 في شأن إنشاء مكافحة غسل الأموال وإنشاء وحدة التحريات المالية الذي لم يحدد مدة معيّنة لانتفاء صفة المعرّض سياسياً، حتى بعد ترك المنصب لعقود طويلة، في حين معظم الدول تضع مدة محددة لانتفاء صفة المعرض سياسياً بين عام الى 5 سنوات كحدّ أقصى.
مصاعب وتحديات
وأضافت المصادر أن الجهات المرخص لها في بعض الأحيان ترفض التعامل مع الأشخاص المعرضين سياسيا، لأن أي عميل من هذه الفئة يمكن أن يؤدي أي خطأ إجرائي معه إلى غرامات وعقوبات من الجهات الرقابية والإشرافية، وبالتالي يتعرّض الشخص المعرض سياسيا لمصاعب وتحديات مضاعفة أعلى من غيره، وذلك مدى الحياة، وتشمل هذه الوحدات البنوك وقطاع الوساطة والكثير من الجهات التي يتم التعامل معها تجاريا.
وأوضحت مصادر قانونية أنه بحكم القوانين الخاصة بغسل الأموال والتحريات المالية يبقى المعرض سياسيا في الكويت مدى الحياة، وينتقل ذلك لأبنائه حتى وإن ترك المنصب أو فارق الحياة.
هذا الواقع يحتاج إلى تعديلات جذرية بحيث تواكب العديد من الدول المتقدمة التي تضع سقفا زمنيا، لانتفاء صفة المعرّضين سياسيا.
فهل تبادر هيئة أسواق المال والبنك المركزي كجهات رقابية إلى تبني هذا الملف، خصوصا في ظل التوافق والقناعة بأنه من الظلم، بل والإرباك للجهات كافة، أن يستمر المعرض سياسيا مدى الحياة مع امتداد ذلك حتى أقاربه من الدرجة الثانية.
المعرض سياسياً
ووفق القانون 106 لعام 2013 يُعرّف الشخص المعرض سياسياً بأنه أي شخص طبيعي، سواء كان عميلا أو مستفيدا فعليا أو يتولى حاليا مهام عامة عليا في دولة الكويت أو دولة أجنبية، ويشمل هذا التعريف رؤساء الدول أو الحكومات وكبار السياسيين أو المسؤولين الحكوميين أو القضائيين أو العسكريين، وكبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات التي تملكها الدولة والمسؤولين البارزين في الأحزاب السياسية أو أي شخص أوكلت اليه حاليا أو في السابق مناصب ادارية عليا في منظمة دولية مثل المديرين ونواب المديرين وأعضاء مجلس الإدارة، ويتضمن هذا المصطلح كذلك أفراد العائلة حتى الدرجة الثانية أو الشركاء المقربين.
التشابكات التي يقيد بها القانون حياة شريحة غير قليلة في الكويت تحتاج إلى إعادة نظر، خصوصا أن الجهات الرقابية المعنية بالإشراف على مثل هذا الملف لديها قناعة تامة بأهمية وضرورة تعديل القانون ليتناسب مع الدول المتطورة في هذا الشأن، وتخفف من إجراءات معقدة غير مبررة.
أشهر معدودة
على الصعيد نفسه، تقول مصادر مطلعة إن بعض السياسيين يتقلد المنصب لأشهر معدودة وبالتالي من الإجحاف استمراره تحت طائلة التعرض سياسيا مدى الحياة، ويمتد ذلك إلى أقاربه من الدرجة الثانية والشركاء المقربين، والشركاء المقربون ليسوا من أقارب الدرجة الثانية، متسائلة: فأي منطق في مثل هذا القانون؟!
والجهات الرقابية، سواء هيئة الأسواق أو البنك المركزي، ملزمون بالتعامل مع قانون غسل الأموال، ولا بد من الالتزام بتطبيقه، وبالتالي لا شأن لهم بتفسير المعرض سياسيا او المدة الزمنية فهي موروثة من قانون 106 لعام 2013.
ومن هذه القاعدة تفرض الهيئة و«المركزي» على الخاضعين لرقابتهم تطبيق إجراءات صارمة تجاه أي عميل مصنف من فئة عالي المخاطر، كما نص عليه البند رقم 2 من المادة (3-19) من الكتاب الـ 16 على سبيل المثال، والالتزام من جانب هيئة الأسواق، بأنه يجب على الشخص المرخص له القيام بإجراءات العناية المشددة الواجبة تجاه أي عميل ذي مخاطر عالية، ومن ضمن تلك الإجراءات التي يجب أخذها في الاعتبار كحد أدنى للحصول على معلومات إضافية عن أسباب فتح الحساب والغرض منه، ومعلومات عن نشاطه وسجله الوظيفي ومصدر أمواله، إضافة إلى بيانات الإثبات لكل من العميل والمستفيد الفعلي وطبيعة علاقة العمل.
ومن أبرز النقاط المثيرة شمول الأشخاص المرتبطين ارتباطا وثيقا بالمعرض سياسيا، مثل الارتباط الاجتماعي أو المهني عن طريق المشاركة في أعمال معيّنة، وهو أيضا باب مجحف لاستمرار هذا الأمر مدى الحياة.
ويعاني الأشخاص المعرضون سياسيا الكثير من القيود بسبب تصنيفهم كأشخاص مرتفعي المخاطر، وتتطلب معاملاتهم موافقات مسبقة قبل إنشاء أي علاقة عمل، ويستمرون تحت طائلة اتخاذ التدابير المناسبة والمساءلة المستمرة عن مصدر الأموال والأصول وتطبّق عليهم مراقبة مشددة ومستمرة.