غداة تأكيده لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه يريد «وضع اللمسات الأخيرة على تشكيل تحالف دولي لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا»، استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، الرئيس الأميركي جو بايدن في قمة رسمية اتسمت بالفخامة، وشهدت حفل ترحيب بحضور زوجتيهما برجيت وجيل عند قوس النصر الشهير، وحضور عرض في شارع الشانزليزيه، قبل إجراء محادثات سياسية بعد العشاء تناولت قضايا سياسية واقتصادية، أبرزها حرب أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط.

وبعد الاحتفال بالذكرى الثمانين ليوم إنزال النورماندي، الذي قاد إلى الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، بحث ماكرون وبايدن، اللذان تربطهما علاقة طيبة رغم التوترات السابقة بشأن صفقة غواصات مع أستراليا، تطورات حربَي روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل مع حركة حماس في غزة، والتعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وقضايا سياسية تتراوح بين تغيّر المناخ والذكاء الاصطناعي وسلاسل التوريد، بالإضافة للقضايا التجارية بين جانبي الأطلسي.

Ad

وأعلن ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بايدن في باريس أن البلدين «مصممان على ممارسة الضغوط الضرورية» على إيران التي تعتمد «استراتيجية تصعيد على كل المستويات».

وأكد الرئيس الفرنسي متوجهاً إلى الصحافيين من قصر الإليزيه أنه «بالنسبة إلى إيران، نلاحظ معا استراتيجية تصعيد على كل المستويات، سواء في الهجمات غير المسبوقة على إسرائيل أو المناورات لزعزعة الاستقرار في المنطقة، أو بالطبع البرنامج النووي الإيراني»، مضيفاً أن «بلدينا مصممان على ممارسة الضغوط الضرورية لوقف هذا المنحى». وقال إن فرنسا والولايات المتحدة ستضاعفان جهودهما لتجنب انفجار الوضع في الشرق الأوسط، لا سيما في لبنان، حيث شدد على ضرورة خفض التوتر بين إسرائيل وحزب الله.

من جانبه، أكد بايدن بعد إطلاق سراح أربعة رهائن إسرائيليين في غزة، أن الولايات المتحدة ستواصل العمل حتى إطلاق سراح جميع المحتجزين في القطاع. وأضاف «لن تتوقف مساعينا حتى يعود جميع الرهائن إلى ديارهم». وحذر الرئيس الأميركي من أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «لن يتوقف عند أوكرانيا». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، إن البلدين سيعلنان خطة للعمل معا في مجال إنفاذ القانون البحري، وإن خفر السواحل الأميركي والبحرية الفرنسية سيناقشان زيادة التعاون.

وناقش بايدن وماكرون أيضا تعزيز حلف شمال الأطلسي، وقد تعهد كلاهما بدعم بلديهما لأوكرانيا، على الرغم من أنهما لم يتفقا بعد على خطة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة كييف.

والتقى بايدن الرئيس الأوكراني في باريس أمس الأول، واعتذر عن تأخر «الكونغرس» لمدة أشهر في الموافقة على أحدث حزمة من المساعدات، وألقى زيلينسكي كلمة أمام الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان).

وخلال كلمة ألقاها في المقبرة الأميركية في نورماندي الخميس الماضي، في ذكرى هجوم الحلفاء على المحتلين الألمان النازيين على الشواطئ الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، دعا بايدن القوى الغربية إلى مواصلة المسار مع أوكرانيا.

وخلال استقباله زيلينسكي في قصر الإليزيه، أكد ماكرون أمس الأول، أنه يريد «وضع اللمسات الأخيرة على تحالف» الدول المستعدة لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، مؤكداً البدء المرتقب لتدريب طيارين أوكرانيين على مقاتلات ميراج 5-2000 الفرنسية.

وقال ماكرون لزيلينسكي إن «الكثير من شركائنا أعطوا موافقتهم بالفعل، وسنستغل الأيام المقبلة لوضع اللمسات النهائية على التحالف»، معتبراً أن هذا الطلب المقدم من أوكرانيا «مشروع».

وأضاف أن الأوكرانيين «عبروا صراحة عن احتياجاتهم لسبب بسيط» ألا وهو أنهم في صدد «التعبئة بقوة شديدة» وسيتعين عليهم «تدريب عشرات آلاف الجنود»، وهو أمر «أكثر عملية على الأراضي الأوكرانية».

وتجاهل ماكرون تهديدات المتحدث باسم «الكرملين»، الذي قال في اليوم نفسه، إن تصريحات الرئيس الفرنسي «تؤجج» التوترات في أوروبا وتظهر أنه يحضّر باريس للاضطلاع بدور مباشر في أوكرانيا. وقالت روسيا، الثلاثاء الماضي، إنها ستعتبر أي مدربين أجانب يُرسلون إلى أوكرانيا خصوصا الفرنسيين «أهدافاً مشروعة» لضرباتها.

وتعتزم الدنمارك والنرويج وهولندا وبلجيكا تسليم أكثر من 60 طائرة إف-16 تم تصنيعها في الولايات المتحدة لأوكرانيا هذا الصيف، لكن قواتها لن يكون لديها سرب من الطيارين المدربين قبل نهاية عام 2025.

ونقلت مجلة بوليتيكو عن مصادر أميركية وحلف شمال الأطلسي أن القوات الأوكرانية لن تتمكن من استخدام هذه الطائرات بالقرب من الحدود مع روسيا أو حتى خارجها، حيث ستتمكن الدفاعات الجوية للدولة المجاورة من التعرف عليها وإسقاطها بسهولة.

في المقابل، أثار الإعلان عن وصول 3 سفن روسية وغواصة تعمل بالطاقة النووية إلى كوبا قلق الولايات المتحدة، التي يخشى مسؤولوها احتمال إجراء مناورات عسكرية في منطقة البحر الكاريبي ردا على مناورات ناتو - المصاحبة تقريبا - في بحر البلطيق، المقرر إجراؤها اعتبارا من اليوم وحتى 20 الجاري.

وأعلنت هافانا، أمس الأول، أنها ستستقبل في الفترة من 12 إلى 17 الجاري زيارة رسمية من الفرقاطة غورشكوف، والغواصة النووية كازان، وناقلة الأسطول باشين، وزورق القطر نيكولاي تشيكر.