أعربت عدة دول وجهات عربية وخليجية وإسلامية، في مقدمتها الكويت وقطر وسلطنة عمان ومصر وتركيا وإندونيسيا و«مجلس التعاون»، عن إدانتها للمذبحة الهمجية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية خلال اقتحامها مخيم النصيرات، أمس الأول، والتي أسفرت عن مقتل 274 وجرح المئات، وفق آخر حصيلة صادرة عن سلطات القطاع الفلسطيني الصحية.
وأكدت وزارة الخارجية، في بيان أمس، إدانة الكويت واستنكارها الشديدين للهجوم الهمجي الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات، مما تسبب في مجزرة راح ضحيتها الأبرياء وخلّفت المئات من الجرحى، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وقالت «الخارجية» إن الوزارة تدين تلك الجريمة البشعة لتؤكد ضرورة تحمّل المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولياتهم في وقف ذلك العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني، الذي أودى بحياة ما يزيد على 36 ألف ضحية من الفلسطينيين المدنيين العزّل، كما تشدد على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للأشقاء الفلسطينيين.
وفي الرياض، أدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج، جاسم البديوي، الهجوم «الغاشم والوحشي» الذي أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من المدنيين الفلسطينيين العزّل في جريمة «نكراء وإرهابية»، فيما أدان وزراء خارجية مجلس التعاون الذين اجتمعوا في الدوحة أمس المجزرة، ودعوا الى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة.
اتهامات وزلزال
ومع توالي ردود الفعل الدولية المنددة بأبرز مجرزة جماعية منذ بدء حرب غزة التي أودت بحياة 37 ألفاً و84 فلسطينياً حتى الآن، اتهمت المقررة الأممية لحقوق الإنسان في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز، إسرائيل باستخدام أسراها لإضفاء الشرعية على «قتل الفلسطينيين في غزة وتجويعهم»، وفي الوقت نفسه تكثّف العنف ضد الفلسطينيين في بقية الأراضي المحتلة بالضفة الغربية.
وقالت ألبانيز إنها تشعر بالارتياح لاستعادة إسرائيل 4 من أسراها، لكن ذلك ينبغي ألا يأتي على حساب قتل المدنيين، ومن بينهم أطفال على يد إسرائيل وجنود أجانب مزعومين، واستخدامها شاحنة مساعدات كغطاء على نحو غادر خلال العملية.
وشددت المسؤولة الأممية على أنه كان من الممكن أن تستعيد إسرائيل جميع أسراها أحياء وسالمين منذ 8 أشهر عندما تم إبرام أول وقف لإطلاق النار وتبادل أسرى، لكنها رفضت من أجل الاستمرار في «تدمير غزة وتدمير الشعب الفلسطيني، ووصفت ذلك بأنه «نية واضحة وضوح الشمس لارتكاب إبادة جماعية تحوّلت إلى فعل».
في موازاة ذلك، حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، من أن ما حدث بالنصيرات يمثل بؤرة زلزالية تثبت أن الحرب تزداد بشاعة، داعياً إلى وضع حد للمعاناة الجماعية.
تسلل وتمسّك
وبينما اتهم المكتب الإعلامي لحكومة غزة الجيش الإسرائيلي بإشراك جنود تنكروا بهيئة نازحين واستخدموا سيارتين مدنيتين بعملية التسلل إلى داخل المخيم الواقع بوسط غزة، جدد رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» بالخارج، إسماعيل هنية، تمسكه بأن المجزرة «تؤكد صواب موقف الحركة بضرورة أن يشمل أي اتفاق لتبادل المحتجزين وقفاً دائما للعدوان وانسحابا كاملا من القطاع».
نفي وانشقاق
في المقابل، عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن رفضه القاطع لاتهام بلده بارتكاب «جرائم حرب» أثناء هجوم النصيرات.
وفي حين أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل العمل بإصرار وقوة حتى تحرير كل المحتجزين وهزيمة حماس»، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن «احتمالات تكرار عملية النصيرات ضئيل».
وفي ظل تنامي الانتقادات الدولية للضربة التي راهن عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بهدف تقوية جبهته الداخلية وموقفه الميداني والخارجي، عقد مجلس الوزراء المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، اجتماعا لمناقشة قضية تحريك مفاوضات تبادل الأسرى غير المباشرة مع الحركة الفلسطينية وتطورات جبهة «حزب الله» اللبناني.
وقبيل انعقاد الجلسة، هاجم نتنياهو الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، الذي أجّل استقالة كان قد هدد بها في وقت سابق للضغط على الائتلاف اليميني الحاكم، بهدف وضع خطة واضحة لغزة بعد الحرب ولإبرام صفقة تبادل محتجزين، عقب الإعلان عن تحرير الرهائن الـ 4.
واستبق نتنياهو إعلان غانتس استقالته بالقول: «إننا بحاجة لإزالة تهديد حماس وحزب الله والابتعاد عن المصالح السياسية والانقسام في زمن الحرب»، داعياً إياه إلى عدم مغادرة حكومة الوحدة.
وبموازاة انشقاق غانتس، الداعم القوي لإبرام صفقة تبادل لتحرير بقية المحتجزين وعددهم نحو 80، نقلت صحيفة إسرائيل هيوم عن الرهينة المحررة من النصيرات، نوعا أرغماني، قولها إنها كانت في الأسر مع يوسي شرعابي وإيتاي فيرسكي اللذين قُتلا بقصف للجيش الإسرائيلي.
وشكّل تصريح الرهينة المحررة، بالإضافة إلى بيان أصدره المتحدث باسم كتائب القسام عقب هجوم النصيرات، حذّر فيه من أن «عملية الجيش الإسرائيلي أسفرت عن تحرير بعض الأسرى، لكنها تسببت أيضا في قتل بعض الأسرى الآخرين، ووضعت المزيد من الضغوط والخطر على بقية المحتجزين»، في زيادة ضغوط الأوساط الإسرائيلية المعارضة لنهج الحكومة اليمينية المتشددة التي تراهن على المسار العسكري لـ «إبادة حماس» واستعادة الرهائن.
نأي أميركي
من جهة ثانية، سعت واشنطن للنأي بنفسها عن العملية الدموية، بعد تقارير عن إمداد خلية أميركية استخباراتية للقوات الإسرائيلية بمعلومات ساهمت في العثور على المحتجزين، إذ أكدت القيادة الوسطى (سنتكوم) أن قواتها لم تشارك بأي نشاط ميداني خلال الهجوم على النصيرات، وأن رصيف المساعدات البحري لم يستغل بأي شكل من الأشكال بها.
وأكدت، في بيان، أن القوات الإسرائيلية أجلت المحررين من منطقة جنوب رصيف المساعدات الذي أصلحته القوات الأميركية وأعادت تشغيله، أمس الأول، لإيصال الإمدادات الضرورية للقطاع المحاصر.
جاء ذلك في وقت اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن «الطريقة الفعالة لإنقاذ جميع الرهائن هي التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار»، متهما «حماس» بأنها العائق الوحيد أمام خريطة الطريق التي طرحها الرئيس جو بايدن لإبرام صفقة تبادل مرحلية تمهّد لوقف الحرب.