بعد فوزه في انتخابات حقق فيها نتائج أرغمته على الاعتماد على ائتلاف لضمان الأغلبية المطلقة، أدى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أمس اليمين الدستورية لولاية ثالثة في حفل بالقصر الرئاسي، شهد أيضاً دخول 30 وزيراً جديداً من أصل 81 كانوا في حكومته السابقة.
وتمّ تشديد الإجراءات الأمنية في نيودلهي أمس من خلال نشر الآلاف من عناصر الجيش والشرطة، مع وصول زعماء دول وحكومات إقليمية مثل بنغلادش وسريلانكا وبوتان والنيبال والمالديف، لحضور مراسم قسم مودي لليمين.
وقبل الحفل، الذي لم يشارك فيه الخصمان المجاوران الصين وباكستان، وضع مودي أمس زهوراً على النصب التذكارية لأب الأمة المهاتما غاندي، قبل أن يقوم بزيارة تكريمية إلى النصب التذكارية للحرب الوطنية.
واضطرّ مودي إلى إجراء محادثات سريعة مع حلفائه في «التحالف الوطني الديموقراطي» المؤلّف من 15 عضواً، لضمان عدد الأعضاء الكافي بالبرلمان ليتمكّن من تشكيل غالبية وتولي الحكم. غير أنّ الأحزاب الأكبر في الائتلاف طالبت بتنازلات كبيرة مقابل تقديم دعمها.
وحكم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي بشكل كامل على مدى العقد الماضي، لكنّه فشل هذه المرة في تكرار انتصاريه الساحقين السابقين، مخالفاً توقعات المحلّلين واستطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع.
وتحدثت صحيفة «هندوستان تايمز» عن أيام من «المحادثات المضنية»، بينما أفادت صحيفة «ذي تايمز أوف إنديا» بأنّ حزب بهارتيا جاناتا سعى إلى «تقليص» مطالب شركائه.
وأفيد على نطاق واسع بأنّ حزب «تيلغو ديسام» الذي يعدّ الحليف الأكبر لحزب مودي وحصل على 16 مقعداً في البرلمان، انتزع أربعة مناصب وزارية. كما سعى الحزب التالي الأكبر «جاناتا دال» للحصول على منصبين وزاريين، بعدما حاز 12 مقعداً في البرلمان.
ومع ذلك، أفادت وسائل إعلام هندية بأنّ المناصب الوزارية الرئيسية، بما في ذلك الأربعة الأهم الداخلية والخارجية والمالية والدفاع، ستبقى قي قبضة حزب بهاراتيا جاناتا. وقالت صحيفة «تايمز أوف إنديا» إنّ «الوزارات الرئيسية مثل الداخلية والدفاع والمالية والخارجية خارج التفاوض».
وأشارت إلى أنّ مساعدي مودي الرئيسيين، أميت شاه وراجناث سينغ ونيتين غادكاري، وهم وزراء الداخلية والدفاع والنقل على التوالي، سيكونون في الفريق الجديد.
واعتبر محلّلون أنّ الائتلاف سيغيّر السياسات البرلمانية ويُجبر حزب مودي الذي كان مهيمناً في الماضي، على اتباع نهج أكثر مهادنة إلى حد ما.
وفي هذا السياق، قال ساجان كومار رئيس مجموعة أبحاث «PRACCIS» التي تتخذ من دلهي مقراً، «في الماضي، كان حزب بهارتيا جاناتا واثقاً من نفسه بسبب الأغلبية المطلقة التي يتمتّع بها»، مضيفاً أن «الائتلاف سيجبر بهاراتيا جاناتا على إجراء المزيد من المشاورات».
من جهتها، أشارت زويا حسن من جامعة جواهر لال نهرو إلى أنّ مودي يواجه تحدّيات محتملة في المستقبل، محذّرة من أنّه «قد يواجه أمثالاً له» من «السياسيين الماهرين» مثل تشاندرابابو نايدو من حزب «تيلغو ديسام» ونيتيش كومار من حزب «جاناتا دال».
والسبت، اختير راهول غاندي، الخصم الرئيسي لمودي، مرشحاً لقيادة المعارضة الهندية في البرلمان، بعدما تحدّى توقّعات المحلّلين عبر مساعدته حزب المؤتمر على مضاعفة أعداد مقاعده بعد تحقيقه أفضل نتائج للحزب منذ وصول مودي إلى السلطة قبل عقد من الزمن.
وتمّ التصويت بالإجماع خلال اجتماع لقيادة حزب المؤتمر على التوصية بانتخاب غاندي كقائد رسمي للمعارضة، وهو منصب كان فارغاً منذ 2014.
ويتحدر غاندي من السلالة، التي هيمنت على السياسة الهندية لعقود، كما أنّه الابن والحفيد الأكبر لرؤساء وزراء سابقين، بدءاً من أول رئيس وزراء بعد استقلال الهند وأحد قادة حركة الاستقلال جواهر لال نهرو.
وبعد انتخابه المتوقع، سيتمّ الاعتراف به كزعيم رسمي للمعارضة في الهند عندما ينعقد البرلمان الجديد، وهو ما تفيد تقارير إعلامية محلية بأنّه سيحدث في أوائل الأسبوع المقبل.
وتشترط الأنظمة البرلمانية أن ينتمي زعيم المعارضة إلى حزب يسيطر على ما لا يقل عن 10 في المئة من المشرّعين في مجلس النواب المؤلّف من 543 مقعداً.
وبقي هذا المنصب شاغراً لمدّة عشر سنوات لأنّ حزب المؤتمر حقّق نتائج سيئة في اقتراعين متتاليين ولم يحصل على عدد المقاعد المطلوب، بعدما كان مهيمناً على السياسة في السابق.