حملات الحج... استغلال تجاري أم تكاليف متصاعدة؟

النظام الإلكتروني ساعد على زيادة المنافسة بين الحملات الكويتية

نشر في 10-06-2024
آخر تحديث 10-06-2024 | 20:52
الحجاج يطفون حول الكعبة
الحجاج يطفون حول الكعبة

مع بدء موسم الحج السنوي وتوجّه الحملات الكويتية للأراضي المقدسة مجهزةً بأفضل الخدمات المطلوبة، من خلال منهجية المسار الإلكتروني للحجاج، الذي أعدته وزارة الحج والعمرة السعودية على 4 باقات للحج، حتى تقف على جاهزية مزود الخدمات ومراقبة تنفيذ العقود المبرمة بين الحملات وتلك الشركات، تتصاعد الأسئلة حول مدى ملاءة الأسعار التي تضعها الحملات مع قدرة الحجاج أو حتى مستوى الخدمة.

يبدأ هذا الموسم بمتوسط أسعار 1900 دينار للغرف الثنائية، 1750 لـ «الثلاثية»، 1650 للغرف الرباعية، حسب ما هو مدون في وزارة الأوقاف الكويتية.

ومن خلال البحث، حصلنا على بيانات مسجلة في الوزارة توضح عدد الحجاج، عدد الحملات، متوسط الأسعار بالنسبة للغرف، ومتوسط عدد الحجاج، وذلك عن سنوات 2022,2023,2024، حيث يتضح أن أسعار الحملات الكويتية لم تكن مرتبطة بزيادة أو انخفاض الأسعار بمؤشر أسعار المستهلك السعودي، إذ سجلت البيانات انخفاضا بأسعار تكلفة الحج لعام 2024، مقارنة بـ 2023 و2022.

وقد سجل مؤشر أسعار المستهلك السعودي ارتفاعا في بعض المؤشرات الموضحة بتقرير البنك المركزي السعودي، حيث أفاد التقرير بأن الربع الرابع لـ 2023 مقارنة بنظيره لـ 2022 كانت هناك زيادة بقطاع الأغذية، أما بقطاع النقل والسلع والخدمات المتنوعة، فقد كان هناك انخفاض، بينما بقطاع المطاعم والفنادق كان هناك ارتفاع ملحوظ بالربع الرابع لسنة 2023 مقارنة بـ 2022، ومع ذلك لوحظ انخفاض معدل أسعار الحملات عام 2024 مقارنة بـ 2023، حيث كانت نسبة التراجع للغرف الثنائية بمعدل 31 بالمئة، والغرف الثلاثية بمعدل 34 بالمئة، و«الرباعية» بـ 30 بالمئة، وبالتالي فإن أسعار الحملات الكويتية - من وجهة نظرنا - لا تعبّر عن التكلفة الحقيقية بسبب وجود هامش ربح كبير.



وحسب آخر 5 سنوات لصرف الريال السعودي مقابل الدينار، تبيّن أن التذبذب بسيط بأسعار الصرف، حيث سجلت التقارير الاقتصادية أن أعلى قمة وصل لها الصرف كانت في 29/ 7/ 2021 بمقدار 12.48 ريالاً لكل دينار، أي نسبة الزيادة على الصرف الحالي بنحو 2.35 بالمئة، وبالتالي لا يشكل عامل تحويل العملة سببا بزيادة تكلفة أداء مناسك الحج على الكويتي.

وفي 2023 اعتمدت «الأوقاف» نظام التسجيل المركزي الإلكتروني الذي وضع حداً أدنى لكل حملة 50 حاجاً وحداً أقصى 250 حاجا، واشترط عدة شروط، أهمها أن يكون الحاج كويتيا ولم يسبق له الحج.



هذا النظام الإلكتروني ساعد على زيادة المنافسة بين الحملات، حيث ألغى النظام المعمول به سابقا، وهو توزيع مقاعد الحج الممنوحة من السعودية على الحملات المشاركة بالتساوي، حيث بات السوق مفتوحا للمنافسة، ويصعب على كل حملة معرفة الأعداد الراغبة في الانضمام تحت رايتها، وبالتالي انخفضت الأسعار، وارتفعت جودة الخدمات المقدمة حتى تجذب أكثر الحجاج.

أيضا يجب توضيح أن عدد المقاعد الممنوحة من السعودية لموسم 1445هـ الحالي هو 8000 مقعد، وأن عدد الحملات الكويتية المرخصة 75 حملة، وتمتنع إدارة الحج والعمرة عن إصدار تراخيص جديدة منذ فترة طويلة لأسباب غير واضحة، كما لا توجد رسوم تفرض على الحملات، مثل التجديد أو رسوم المشاركة السنوية في تسيير حملات الحج.

وتواصلنا مع عدة حملات متميزة، حتى نقف على أسباب غموض التكلفة، وهل تعتبر أسعار حملات الحج الكويتية حقيقية أم استغلالاً تجارياً تمارسه الحملات على الحاج، وتستغل عاطفته الدينية ورغبته في إتمام تلك الفريضة الإسلامية.


يوسف أشكناني يوسف أشكناني

فأجاب عن تساؤلاتنا الكثيرة التي كانت تدور بفلك مؤشر أسعار المستهلك السعودي والثبات النسبي للصرف ونظام التسجيل المركزي الإلكتروني والعوامل التي تحدد الأسعار، كل من أمين سر اتحاد حملات الحج الكويتية، صاحب حملة راعي الفحماء الوقفية، خالد راعي الفحماء، وصاحب حملة الطبطبائي للحج والعمرة، أنور الطبطبائي، وصاحب حملة أشكناني لتنظيم رحلات الحج يوسف أشكناني.

أسعار حملات الحج

تبدأ الأسعار في حملة راعي الفحماء كالتالي: الغرف الرباعية 1890 والثلاثية 1990 والثنائية 2150. أما حملة الطبطبائي فتبدأ الأسعار من 1650 للرباعية و1750 الثلاثية و1900 الثنائية.


أنور الطبطبائي أنور الطبطبائي

وأما حملة أشكناني فلديه باقتان، باقة العمارة السكنية التي تبدأ من 1950 للرباعية و2050 للثلاثية و2250 للثنائية، أما باقة الفندق فتبدأ من 2390 للثلاثية و2550 للثنائية.

معدلات أسعار المستهلك السعودي

أكد صاحب حملة الطبطبائي، أنور الطبطبائي، أن النقل في السابق كان يكلف الحملة 4000 دينار، أما حاليا فتكلفته أكثر من 6000 دينار، وأن الحملة تشهد تكاليف عالية للسكن وأداء المشاعر.

ولفت صاحب حملة أشكناني إلى أن القطاعات الاستهلاكية تشهد ارتفاعاً كبيراً في السعودية وغيرها من الدول، حيث أفاد بأن استئجار الغرفة الواحدة بالفندق زاد 10 بالمئة عن السنة السابقة.

مقارنة أسعار الحملات

من جانبه، قال خالد راعي الفحماء إن الحملات الكويتية أقل تكلفة من بعض الدول الخليجية وغيرها، في حين أكد الطبطبائي أن غالبية الحملات الكويتية تقدم خدمات في مستوى متقدم عن غيرها، ومع ذلك هي بنفس أسعار الدول الأخرى، وربما أقل.


خالد راعي الفحماء خالد راعي الفحماء

أما أشكناني فقد ذكر أن الحملات الكويتية بالنسبة لدولة الخليج تعتبر الأقل سعرا والأفضل جودة، حيث إن الغرفة الرباعية بالعمارة العادية تكلف الحاج البحريني من 2200 الى 2500، أما لدى حملتنا فيتكلف الحاج 1950 دينارا.

التسجيل المركزي

من جهته، أفاد الطبطبائي بأن التسجيل المركزي الإلكتروني حقق هدفه بخفض الأسعار بنسبة 25 بالمئة، ومع ذلك كان الإقبال أكثر على الحملات المتوسطة التكاليف بحثا عن الفنادق العالية المستوى، في حين أوضح أشكناني أنه من المؤيدين للتسجيل المركزي، حيث حقق تنافسا بالأسعار والخدمات، ومع ذلك كان الإقبال لدينا على حجز غرفة الفندق، التي هي أغلى سعرا من غرف العمارة السكنية المعروض لدينا.

أما راعي الفحماء، فذكر أن التسجيل حقق مساهمة بخفض الأسعار، لكن ذلك مقيّد بعدد المقاعد الممنوحة من السعودية، وأضاف أن منح كل حملة 100 مقعد أفضل من التسجيل المركزي، بشرط أن تكون هناك لجنة أسعار تحمي الحاج.

جهة مستقلة

وقال أشكناني: نحتاج إلى وجود جهة محايدة للتقييم، وأتذكر أنه قبل «كورونا»، استعان الوكيل المساعد في وزارة الأوقاف، محمد العليم، بجهة خارجية لتقييم الجودة والخدمات، وحصلت حملتنا على المركز الأول في الكويت بالنسبة إلى العمل الإلكتروني، والمركز الثاني بالنسبة للعمل الثقافي والديني.

أما الطبطبائي فكان له رأي مختلف، حيث ذكر أن وزارة الأوقاف تقوم، من خلال قانون الحج، بدور الرقابة اللاحقة، وأي ملاحظة يتم استدعاء صاحب الحملة ويطلب منه الإفادة والتوضيح.

وأكد راعي الفحماء أن وزارة الأوقاف تتصل، بعد انتهاء موسم الحج، بعينة عشوائية من الحجاج في كل حملة ليتم تقييم عمل الحملات.

توصيات لحوكمة الخدمات

سوق الحج غير الربحي يحتاج لكثير من التنظيم وتطوير منظومة العمل، مثل:

• إعادة فتح تراخيص حملات الحج بضوابط معيّنة لتحفيز المنافسة.

• القضاء على تمكين الغير من استغلال اسم صاحب الحملة وإدارتها بالباطن (ظاهرة التضمين التجاري).

• العمل على إعادة سوق الحج غير الربحي الى هدفه الأسمى، وهو إتمام الشعيرة الإسلامية.

• تعديل المادة رقم 3 من قانون رقم 1 لسنة 2015 في شأن تنظيم حملات الحج والعمرة، والتي تنص على الربحية التجارية الى مصطلح ذي طبيعة خاصة، وهو أتعاب مجهود الحملة.

• تفعيل الفقرة الثانية من المادة 18 في القرار الوزاري رقم 51 لسنة 2021، التي تنصّ على ضبط الأسعار.

• تشكيل لجنة رباعية دائمة تحت مظلة اللجنة العليا للحج والعمرة من (وزارة الأوقاف - الهيئة العامة للغذاء والتغذية - وزارة التجارة والصناعة - جهاز حماية المنافسة) حتى تحد من زيادة الأسعار والحفاظ على الجودة المقدمة.

• إتاحة المجال لكل حاج بتقييم سرّي، ثم نشر ذلك التقييم حتى يعرف كل من لديه رغبة بالحج مدى جودة الخدمات في كل حملة.

• تصنيف حملات الحج الى فئات بناء على التقييم والمصروفات، حتى يسهل على الحاج معرفة الجودة والأسعار والخدمات المقدمة.

• تحديد أتعاب مجهود الحملة لكل فئة مصنّفة بحد أقصى لا يتجاوز 40 بالمئة، حتى يحافظ السوق على طبيعته غير الربحية، ويزيد من تنافس الحملات داخل الفئة الواحدة.

• توسيع الشرائح الراغبة بالحج في التسجيل المركزي المفتوح بنسب مختلفة، وعدم قصر ذلك على الأكبر سنّا، حتى تستفيد شرائح المجتمع كافة.

back to top