«بل هي... ثورة تصحيحية بيضاء»

نشر في 12-06-2024
آخر تحديث 12-06-2024 | 13:50
 يوسف الشايجي

هل يحق لنا أن نصف ما جرى في الكويت في مساء العاشر من مايو الماضي من إجراءات تصحيحية اتخذها سمو الأمير بـ«الثورة البيضاء»، وللتحقق من ذلك يمكننا الرجوع لأهم الثورات البيضاء شيوعاً في التاريخ ما قبل الحديث، فسنجد ثورة يوليو 1952 في مصر التي قام بها مجموعة من الضباط الأحرار عند انقلابهم على حكم القصر الموالي للمستعمر البريطاني وطردهم والمستعمر من مصر دون إراقة دماء، لذلك سمي الانقلاب الأببض، ومن ثم الثورة البيضاء حيث استتبع ذلك قيام مجلس الضباط الأحرار ببعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية منها: قوانين الإصلاح الزراعي، ومجانية التعليم، والاهتمام والاعتناء بتحسين معيشة الطبقة الكادحة والوسطى.

وإن شاب بعض تلك الإصلاحات بعض الانتقادات، كذلك ما قام به شاه إيران محمد رضا بهلوي في بداية ستينيات القرن الماضي لخلق تنمية اقتصادية اجتماعية سميت الثورة البيضاء، وإن لم تأت بنتائجها المرجوة منها، أيضاً ما قام به ملك إسبانيا خوان كارلوس في منتصف سبعينيات القرن الماضي عند تسلمه الحكم من بعد الجنرال فرانكو، حيث نقلهم من حكم الحديد والنار الاستبدادي السابق إلى النظام الديموقراطي، وتم ذلك على عدة مراحل، وآخر هذه الثورات البيضاء التي عشناها قبل أكثر من 13 سنة في تونس، وهي ما أطلق عليها (ثورة الياسمين) تأكيداً لسلميتها.

فلو نظرنا لجميع هذه الثورات لوجدنا عدة عوامل مشتركة بينها، أبرزها:

- سلمية هذه الثورات، حيث لم تسفك فيها دماء كما حصل ويحصل مع ثورات أخرى سبقتها أو لحقتها، وهذه من أهم مزاياها.

- جميعها كانت تقوم من أجل أهداف إصلاحية سواء كانت لتغيير كامل لأنظمة فاسدة قائمة أو الاكتفاء بإصلاح جزئي لها، ويرافق هذه الأحداث برامج تنموية نهضوية في قطاعات عدة تسهم في تطور هذه المجتمعات وتقدمها.

- تأييد شعبي كبير لهذه التحولات الثورية البيضاء، لأنهم يرون فيها المنقذ والحل الوحيد لهم للتخلص من واقعهم المزري والمتردي.



- تتعدد آليات وأساليب القيام بهذه الثورات، فلا تتفق على إلزامية جهة واحدة لتقوم بها أو تقودها إنما تخضع لعامل من يستطيع القيام بها، فتتأرجح بين أن تكون من خلال مظاهرات شعبية أو من خلال الحكام أو الجهات التي تمثل السلطة في هذه البلدان.

- جميعها تقريباً، تستدعي للوصول لأهدافها، اتباع أساليب غير معتادة أو تقليدية تقفز من خلالها على قواعد الأنظمة القانونية المتبعة لفترة انتقالية مؤقتة، فتحل فيها أو تصفي مؤسسات الحكم القائمة وتعطل الدساتير إما بإلغائها كاملة وإما للنظر في تنقيح وتعديل بعض موادها لتتماشى مع نظام الحكم أو العهد القادم.

- كذلك الحكم على النتائج عامل مهم جداً لتقييم نجاح أو فشل هذه الثورات البيضاء.

فلو أجرينا مقارنة بين جميع ما تقدم من هذه الثورات وما صاحبها من أحداث، بما تم في مساء الجمعة ٢٠٢٤/٥/١٠ في الكويت عند قيام سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح بإلقاء خطابه التاريخي، ثم تلاه بالأمر الأميري المتمم الفعلي لهذا الخطاب، ومن خلال تطبيق العوامل المشتركة لهذه الثورات على أحداث ذلك المساء، لوجدنا تطابقاً شبه كامل بين المقارن والمقارن به.

نستخلص من كل ذلك وبكل فخر أن كل ما قام به سمو الأمير من إجراءات وخطوات تصحيحية حتى هذه الساعة، وما وعد بالمزيد منها في غضون السنوات الأربع القادمة تأتي من ضمن ثورة تصحيحية بيضاء بدعم وتأييد شعبي كبير نلمسه من خلال الكم الهائل من التهاني والتبريكات عبر جميع الوسائل الإعلامية التقليدية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

كما لا يفوتنا أن نؤكد على أن التقييم النهائي لهذه الثورة البيضاء كسابقاتها في نهاية المدة المحددة لها والتي نتمنى لها كل التوفيق والنجاح في بلوغ أهدافها بإذن الله.

• إضاءة: استكمالاً للخطوات الإصلاحية التي اتخذها سمو الأمير والتي لاقت رواجاً ومباركة شعبية عارمة جاء القرار السامي بتعيين سمو الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ولياً أميناً للعهد ولمستقبل الكويت، متمنين له التوفيق والسداد.



back to top