حرٌّ... وتسريب... وضرائب
في غضون الأسبوع الماضي ضجت وسائل الإعلام وتبعتها منصات الإعلام الإلكتروني بأنواعها كافة بنقل أنباء تسريب اختبارات عدة شملت نماذج متعددة لاختبارات الثانوية العامة في دولة الكويت، وإن كنا نتعاطف في الدرجة الأولى والأخيرة مع الطلبة المثابرين المجتهدين الذين ظلموا بتأجيل الامتحانات وتدمرت نفسياتهم وعزيمتهم بسبب هذا الأمر، فإننا في الدرجة الثانية نتعاطف مع أولياء الأمور ممن أصبحوا بالتبعية يضربون أخماساً بأسداس بسبب ما حصل داخل أروقة وزارة التربية، ومن اؤتمنوا على مصالح أبناء الوطن.
مبدئياً إجراءات الوزارة كانت وما زالت تبدو للمتابع تسير في الطريق الصحيح، ويجب سد التشريعات والثغرات القانونية من قبل فريق مختص في الوزارة وعلى وجه السرعة، أما ما حدث وحصل أمام العامة من بلبلة عن استقالة وزير التربية، فنعم ومع احترامي لكل الآراء، فإن المسؤولية السياسية تحتم عليه أن يضعها تحت تصرف رئيس الوزراء، وهو يقرر مصيرها.
هذا بالطبع لا يعني أن إجراءات الوزير منقوصة أو غير سليمة، لكن الأمر السياسي البدهي والأمر الأمثل أمام العامة يجب أن يجرى، أما عن محاسبة المتسببين فهو أمر يجب وضعه على رأس الأولويات في المرحلة القادمة، ليكونوا عبرة لجميع من تسوّل له نفسه أمراً مشابهاً مع الزمن، وكما انتشرت نظريات مؤامرة ذات طابع بوليسي سياسي بين العامة عن استهداف الوزارة تحديداً من بعض أعضاء تنظيم سياسي، فهذا أمر يجب أن يعمل عليه مكتب الوزير ووكلاء الوزارة بشكل حثيث وتبيانه للشارع بصورة واضحة أمام الملأ.
التسريبات في الكويت أصبحت في الواقع ثقافة مشينة، وأصبح تسرب الاختبارات ومجاميع «غروبات» الغش أمراً نسمع به، ويدل على ضعف الرقابة والضمير المجتمعي لأصحاب أهم المهن كمعلمين، وجب الوقوف على أسبابها واجتثاثها من الجذور، ولكن وبصورة شمولية أكبر فإن التسريبات والهوس بالأمور الحصرية ليس إلا جزءا من ثقافة سيئة أصبحت ثقافة مجتمعية رديئة هذه الأيام، فكم من معلومات وملفات وكتب رسمية وجدناها تتداول في وسائل الإعلام المختلفة تكشف إما أسراراً للمهن وإما تكشف ستر الناس والبيوت، وهنا يأتي دور القانون والرقابة والمسؤولية المجتمعية في الإطار السليم.
على الهامش:
أي حديث عن فرض الضرائب في دولة الكويت هذه الأيام هو حديث سابق لأوانه ومجحف بحق الشعب قاطبة، فلا النظام الرقابي لمتابعة أداء الحكومة واضح، ولا الأسعار مراقبة، ولا الدخل يكفي أساسيات العيش، فحسن أن يتحقق هذا كله وتتم محاسبة سراق المال العام واسترجاع أموال الدولة، ولتكن الضريبة تصاعدية على أصحاب الدخل المرتفع.
هامش أخير:
ارتفاع درجات الحرارة الذي نلامسه أخيراً ليس إلا إرهاصات، وما هو قادم من عواقب تبدل موسمي وتغيير مناخي سيجعلنا نندم على تخاذلنا على مستوى العالم في مواجهته.