وسط ترقّب دولي وإقليمي لفرص نجاح خريطة الطريق التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن، منذ نحو أسبوعين، قبل أن تحصل على دعم مجلس الأمن الدولي، بهدف وقف حرب غزة المتواصلة منذ 251 يوماً، قدمت «حماس» ردها الرسمي على مقترح الهدنة وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الذي طرحه البيت الأبيض، استناداً لما قدّمته إسرائيل، لكنها أعلنت أنها أجرت تعديلات على العرض، في حين زعمت الدولة العبرية أن الرد هو بمنزلة رفض لاقتراحها.
وسلّمت «حماس» ردها إلى قطر ومصر، اللتين نقلتاه إلى الوسيط الثالث الولايات المتحدة. وأصدرت الدول الثلاث بيانات قالت فيها إنها تراجع الاقتراح.
وتعهّد البيان المشترك الصادر عن مصر وقطر بمواصلة جهود الوساطة، حتى يتم التوصل إلى اتفاق، مضيفاً أنهما «سينسّقان مع الأطراف بشأن الخطوات التالية».
وفي حين نقلت منصات قطرية أن الرد الفلسطيني الذي تم تسليمه اشتمل على تعديلات للمقترح الإسرائيلي بما يشمل وقفا تاما لإطلاق النار، والانسحاب من كامل قطاع غزة بما فيه معبر رفح ومحور فيلادلفيا، كشف مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، أن «وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ظل مستيقظاً حتى وقت متأخر من ليلة الثلاثاء في الأردن، لمراجعة رد حماس، والذي تلقاه فريقه شخصياً من رئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل».
وذكر مصدران أمنيان مصريان أن الحركة تريد ضمانات مكتوبة من الولايات المتحدة لوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع من أجل الموافقة على اقتراح الخطة التي تشمل 3 مراحل لوقف إطلاق النار، الذي تضغط واشنطن لتطبيقه بهدف نزع فتيل الأزمة ومنع انفجارها على جبهات إقليمية أخرى، في مقدمتها جنوب لبنان.
بلينكن وعبدالرحمن
ولاحقاً، وجّه وزير الخارجية الأميركي خلال مؤتمر مشترك، في الدوحة، مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن تحفظات وانتقادات لردّ الحركة، لكنه تعهّد بالعمل على محاولة جسر الهوّة بين طرفَي الحرب، من دون إدخال تعديلات جوهرية على المقترح المطروح للخروج من الأزمة.
وقال بلينكن إن «حماس اقترحت عدة تغييرات في ردّها على مقترح وقف إطلاق النار وإن بعضها قابل للتنفيذ، لكنّ البعض الآخر ليس كذلك».
وأضاف أن بعض مقترحات الحركة في الرد تتجاوز ما قبلته في السابق في محادثات بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة».
وحذّر الوزير من أن «الوقت حان لكي تقبل حماس مقترح وقف إطلاق النار مثلما قبلته إسرائيل، وإلا سيتحملون عبء استمرار الحرب»، معتبرا أن عليها أن تقرر.
ولفت بلينكن إلى أن «الصفقة المطروحة على الطاولة تتطابق مع الصفقة التي اقترحتها حماس في 6 مايو، وكان يمكن الرد عليها بكلمة واحدة... نعم». وتابع: «بدلا من ذلك، قدّموا المزيد من التغييرات وبعض هذه التغييرات يذهب أبعد من مواقف الحركة السابقة، وهو ما يطيل من معاناة المدنيين بالقطاع، حيث استغرق رد الحركة 12 يوما».
وأوضح أن واشنطن تسعى لتحويل وقف إطلاق النار إلى وقف دائم، لكنه شدد على أنها «لن تسمح لحماس أن تقرر مستقبل المنطقة».
ووعد الوزير بطرح أفكار بشأن كيفية الحكم في غزة بعد انتهاء الحرب خلال الأسابيع المقبلة، فيما كشفت «بوليتيكو» أن إدارة بايدن تخطط لإنشاء قوة متعددة الجنسيات في القطاع بعد الحرب تتكون أساسا من قوات عربية وتخلو من أي مشاركة أميركية.
واختتم بتأكيد أن بلده ستراقب إن «جرى انتهاك القانون الدولي الإنساني من قبل إسرائيل أو أي طرف آخر في هذه الحرب».
من جهته، أشار عبدالرحمن إلى أنه درس رد «حماس» والفصائل الأخرى على المقترح مع استمرار إجراء المشاورات بين الوسطاء بشأن تفاصيله.
وقال الوزير القطري إن «دول المنطقة منفتحة على خطة سلام على أساس المبادرة العربية، تفضي لحل الدولتين»، معتبرا أن «الحل الدائم هو الحل العادل بإنشاء الدولة الفلسطينية على حدود 67 تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل».
تقديرات ومزاعم
ووسط تقديرات بأنه في حال تم اعتبار التغييرات المطروحة من جانب الفصائيل الفلسطينية في حدود المعقول، فمن المرجّح أن يدفع الوسطاء الأطراف لمحاولة التوصل إلى تسوية في غضون أسبوع آخر على الأقل، بالنظر إلى الوقت الذي يستغرقه مسؤولو «حماس» في الخارج لإيصال رسائل إلى صانعي القرار في الأنفاق تحت غزة، صدر بيان عن مسؤول إسرائيلي قال إن رد الحركة «غيّر جميع المعايير الرئيسية والأكثر أهمية»، وهو ما يمثّل رفضا للاقتراح المطروح.
والتزم رئيس الائتلاف الحاكم، بنيامين نتنياهو، الذي يؤكد تمسكه بمواصلة الحرب حتى القضاء على الحركة الفلسطينية الصمت، فيما قال عضو المكتب السياسي لـ «حماس»، عزت الرشق، إن رد حركته الذي جاء مشتركا لأول مرة مع حركة الجهاد يفتح الطريق واسعا للتوصل إلى اتفاق. وانتقد الرشق المزاعم الإسرائيلية بشأن رفض الحركة للمقترح بوصفه مؤشرا على محاولات التهرب من استحقاقات الاتفاق.
وتضمنت التعديلات جدولاً زمنياً جديداً لوقف إطلاق النار الدائم وانسحاب القوات الإسرائيلية، وفقا لمسؤول من إحدى الدول الوسيطة.
اتهامات إبادة
إلى ذلك، وجّه تحقيق للأمم المتحدة اتهامات لإسرائيل بارتكاب «جرائم إبادة» وجرائم أخرى ضد الإنسانية في غزة.
وقالت لجنة التحقيق في تقريرها المقرر تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأسبوع المقبل، إن إسرائيل ارتكبت «جرائم الإبادة ضد الإنسانية، قتل، واضطهاد على أساس النوع الاجتماعي الذي يستهدف الرجال والفتيان الفلسطينيين، والنقل القسري».
كما اتهم التحقيق 7 فصائل فلسطينية بارتكاب «جرائم حرب» منذ اندلاع الصراع بغزة في 7 أكتوبر الماضي.
معارك وقتلى
ميدانياً، شهدت رفح قتالاً ضارياً بين عناصر «حماس» والجيش الإسرائيلي الذي استقدم تعزيزات للتقدم بمخيم الشابورة وسط المدينة المتاخمة لحدود مصر، فيما أفادت وزارة الصحة بمقتل 40 وإصابة 120 جراء الاعتداءات الإسرائيلية على عموم مناطق القطاع الذي يشهد أزمة إنسانية وغذائية خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن 12 مواطنا استشهدوا برصاص إسرائيلي بمناطق متفرقة في أقل من 48 ساعة.
وذكرت «كتيبة جنين»، التابعة للجناح العسكري لـ «الجهاد»، أمس، أن 6 من عناصرها قُتلوا خلال اشتباك مع الجيش الإسرائيلي في بلدة كفردان.