حراك أميركي - فرنسي - قطري لمنع الحرب يواكب تصاعد المواجهات في جنوب لبنان
«حزب الله» يتعهد بزيادة عملياته «كماً ونوعاً» بعد مقتل أحد أرفع قادته
• مسؤول في «فيلق القدس»: الحزب يمتلك مليون صاروخ
في موازاة التصاعد التدريجي بوتيرة العمليات العسكرية بين «حزب الله» اللبناني والجيش الإسرائيلي، نشطت حركة الاتصالات في الكواليس السياسية والدبلوماسية الهادفة الى خفض التصعيد ومنع اندلاع حرب شاملة.
وبحسب ما تكشف مصادر لبنانية على صلة بالمفاوضات الساعية لإرساء حل دبلوماسي يوقف مواجهات الجبهة الجنوبية، فقد شهدت الأيام الماضية تنسيقاً أميركياً قطرياً حول العمل على إيجاد آلية لتطبيق القرار 1701.
وتقول المصادر: «قبل فترة زار مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين دولة قطر وبحث مع المسؤولين القطريين سبل المساعدة لمنع تفاقم الصراع بين حزب الله واسرائيل»، مضيفة: «انطلاقاً من هذا اللقاء بدأت دولة قطر تتحرك على خط التواصل مع لبنان في سبيل خفض التصعيد وتحضير الأرضية لإرساء اتفاق بعد وقف الحرب في غزة».
وفق هذه المعطيات، فإن الحراك القطري على الساحة اللبنانية، سيكون وفق مسارين يلتقيان في النهاية، الأول هو مسار تطورات الوضع في الجنوب، والثاني هو المسار السياسي في سبيل الوصول الى تسوية تنتج رئيساً للجمهورية وتعيد تشكيل السلطة.
من جهة أخرى، وفي إطار الاتصالات، فقد حصل اجتماع افتراضي بين هوكشتاين والمبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان للبحث في تطورات الوضع اللبناني، خصوصاً أن فرنسا تسعى لأن يكون لها دور أساسي في إرساء التهدئة في الجنوب، وبالملف الرئاسي.
ويقول المصدر اللبناني إن «الفرنسيين تواصلوا مؤخراً مع الإسرائيليين في إطار العمل على إنجاح مبادرتهم، وان باريس تلقت اشارات من اسرائيل حول الاستعداد للوصول الى اتفاق دبلوماسي بدلاً من الحرب»، مضيفاً: أن «باريس وواشنطن ستواصلان العمل لمنع حصول انفجار كبير في جنوب لبنان ولعدم اندلاع حرب».
في موازاة هذا الحراك المتجدد، ووجود قناعة بأن أي وقف للمواجهات مرتبط بوقف اطلاق النار في غزة، يراقب لبنان حيثيات التفاوض الذي تقوده الولايات المتحدة لإنجاح المبادرة التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن.
علماً بأنه ليس هناك قناعة لدى الكثير من اللبنانيين بتسهيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنضاج صفقة تؤدي الى وقف اطلاق النار، والتقديرات تشير الى أن نتنياهو قد يوافق فقط على المرحلة الأولى من خطة بايدن، التي تتلخص في إطلاق سراح الرهائن وبعدها سيستأنف الحرب، وهو ما ترفضه حركة حماس.
ويشير أصحاب هذا الرأي الى خلافات كثيرة بين نتنياهو والإدارة الأميركية، وهو ما دفع واشنطن إلى فتح مسار للتفاوض الأحادي مع «حماس» حول إطلاق سراح الرهائن الأميركيين الخمسة، في مقابل استعداد واشنطن لإطلاق سراح خمسة موقوفين لديها من كبار داعمي «حماس» ومموليها، وذلك في مسعى لإنجاح مثل هذه الصفقة، في حال فشلت خطة بايدن.
وأمام كل هذه الوقائع، تتصاعد وتيرة المواجهات العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل، وبعد تكثيف الحزب لعملياته، نفذ الإسرائيليون عملية اغتيال شملت طالب سامي عبدالله الملقب بـ «أبو طالب»، وهو أحد أهم القادة العسكريين في الحزب الى جانب 3 قياديين آخرين هم حسين حميد وعلي صوفان ومحمد صبرا.
والأبرز أن الإسرائيليين استهدفوا منزلاً في بلدة جويا يعقد فيه اجتماع بين أبوطالب الذي تردد انه قائد القطاع الاوسط في جنوب لبنان وعدد من الكوادر، علماً أن «حزب الله» كان قد اتخذ إجراءات وقائية في الفترة الماضية جعلت الإسرائيليين يستهدفون كوادر الحزب في السيارات أو على الدراجات النارية، لا سيما أن هذا النوع من الاجتماعات كان قد توقف بعد غارة بيت ياحون قبل أشهر والتي أدت الى مقتل خمسة من كوادر الحزب بينهم عباس محمد رعد نجل النائب محمد رعد رئيس كتلة «حزب الله» النيابية.
وقالت وسائل اعلام نقلا عن مصادر امنية، ان دور أبوطالب لا يقل عن وسام الطويل الذي تردد انه قائد «قوة الرضوان» قوة النخبة في الحزب واغتالته اسرائيل بغارة على سيارته في خربة سلم.
وبحسب القراءة اللبنانية للغارة الاسرائيلية على جويا واستهداف الكوادر، هناك اعتبار أن اسرائيل تسعى أولاً الى التعويض عن الضربات التي تلقتها، وثانياً استعادة منظومة الردع بعمليات الاغتيال، وثالثاً فمع أي زيادة للضغوط السياسية في سبيل الوصول الى هدنة أو وقف لإطلاق النار، يلجأ الإسرائيليون الى تكثيف عملياتهم العسكرية لتحقيق أهداف ولتدمير وإلحاق خسائر كبيرة في صفوف الطرف المقابل ليقولوا إنهم فرضوا الاتفاق بتصعيدهم العسكري. وبالتالي يأتي هذا التصعيد في ظل المزيد من المساعي الأميركية لإنجاح الصفقة التي اقترحها الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقال رئيس المجلس التنفيذي لـ «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال تشييع ابوطالب «سنزيد من عملياتنا شدة وبأسا وكما ونوعا، ولينتظرنا العدو في الميدان».
ورد الحزب على الضربة بإطلاق اكثر من 150 صاورخا امس باتجاه شمال اسرائيل، في حين نقلت مجلة فورين بوليسي عن مسؤول في «فيلق القدس» الإيراني قوله إن «حزب الله» يمتلك أكثر من مليون صاروخ من أنواع مختلفة، بما في ذلك صواريخ موجهة بدقة وصواريخ كاتيوشا معدلة لزيادة الدقة، وصواريخ مضادة للدبابات.
وكانت تقديرات غربية أشارت الى امتلاك الحزب نحو 200 ألف صاروخ.