«خوش طراق»... صفعة مدوية من المحكمة الإدارية وجّهتها للأسود الشجعان في المجلس الوطني الثقافة والآداب، والناس شيقولون، المحكمة الإدارية برئاسة المستشار جاسم بهمن ألغت قراراً للمجلس الوطني للشجاعة والهرولة مع القطيع، حين تراجع المجلس عن قراره السابق بالسماح بعرض مسرحية «في زين الزمان».
مجلس الأسود الأدبية «الوطني» قرر منع المسرحية فجأة، قبل موعد عرضها في أول أيام عيد الفطر، ولدينا ولله الحمد، رقابة هذا المجلس وأيضاً رقابة وزارة الإعلام، ورقابة الأمن، ورقابة الوالدين والأهل والناس، ورقابة دخول دورات المياه، ورقابة فوق الرقابة، والحسبة طويلة في «امبراطورية الرقابة الكويتية» وكل أنواع الرقابة التي فاتت على جورج أورويل في رواية 1984.
عذر المجلس الوطني للشجاعة في المنع لم يكن بسبب نصوص محرّمة في المسرحية أو أي سبب خاص بالمسرحية ذاتها، بل بسبب «إحالة مؤلفة المسرحية وبعض الفنانين المشاركين فيها من قبل وزارة الإعلام إلى النيابة العامة على خلفية مشاركتهم في مسلسل تلفزيوني تضمّن الإساءة إلى قيم وأخلاق المجتمع...»، وغيره من الكلام المأخوذة زبدته في ثقافة الرياء والتصنع حين أبدى بعض المزايدين أصحاب «سوء الطوية» على المسلسل، لأنهم يرونه لا يمثّل حقيقة الواقع التاريخي للمجتمع الكويتي كامل الأوصاف والمنزّه عن الخطأ. «سوء النية أو الطوية» عند سارتر، هو أن يتصنع ويمثّل صاحبه بغير حقيقته، مثل النادل في مقهي الذي يتحرك ويخدم الزبائن بحركات خدمة على غير حقيقته الواقعية.
واضح أن منع المسرحية من «المجلس الوطني للقمع» كانت تحرّكه مشاعر المجاملة والرهبة من ردود الفعل الشعبية المحتملة، فلا رابط عقلانياً بين مسلسل تلفزيوني مُحال أصحابه للنيابة ولم يصدر بهم حكم، وكانت الإحالة من وزارة الإعلام صاحبة القلب الضعيف تتجاوب مع مشاعر المزايدين وبين المسرحية التي هرول المجلس الوطني لمنعها بحجة الخشية من المجهول.
عبارات رائعة للمحكمة حين استندت في حيثيات حكمها إلى المادة 14 من الدستور التي تنص على أن «ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجّع البحث العلمي»، ولم تقل تلك المادة: تمنع الدولة الفكر الحر وتقمع الآداب والبحث العلمي»، بعد أن صعد خشبة المسرح السياسي الاجتماعي المراؤون والمزايدون ومحتكرو الهويات العرقية والطائفية.
وقالت المحكمة في تسبيبها المنطقي «الأمر الذي يكون معه السبب الذي ذكرته الجهة الإدارية في القرار المطعون فيه بمجرد الإحالة للنيابة لا يقوى بذاته على حمله ولا يبرره في الواقع والقانون...».
هذا مجلسكم الوطني «للثقافة» الذي لا يدري عن المسرح الجاد ولا عن الثقافة والفكر النقدي، هذا المجلس الذي أسسه ورعاه المرحوم أحمد العدواني، كيف أضحى اليوم في زمن سيادة المولات المكيفة والاستهلاك الأجوف وهو زمن شعبوية الجهل والغطرسة واللامبالاة للفنون والآداب؟
انقلوا كل أمور واختصاصات هذا المجلس للشيخة حصة صباح السالم رئيسة جمعية الآثار الإسلامية، ستبيّض وجوهكم المرتعبة، ودعونا فقط نحيا على ذكرى ونستولجيا أيامنا الحلوة في الستينيات والسبعينيات.