المطبعة السرية

نشر في 14-06-2024
آخر تحديث 13-06-2024 | 18:31
 د. محمد عبدالرحمن العقيل

ما زلت أتذكر ما قاله لنا أستاذ القياس والتقويم: «إن المبدأ الأساسي لهذا التخصص هو محاولة تقليل نسبة الخطأ في التقييم، لا معرفة المستوى الحقيقي للمتعلم»، بمعنى أن كل ما ندرسه في هذا المقرر هو طرق متعددة لإنشاء امتحان تحريري يقيس مستوى الطالب في الجانب النظري فقط، وأما قياس المستوى العملي والشخصي، أو «الفعلي» فهذا أكثر تعقيدا، ويحتاج لأدوات أخرى، تختلف باختلاف المكان والزمان، فالمستوى الحقيقي للطالب لا يُختزل في ورقة!

قبل كل شيء، أود أن أؤكد أن الامتحانات التحريرية لا تقيس مستوى الطالب بشكل عام، إنما هي أداة لتقييم قوة استحضار المعلومة والذاكرة المؤقتة، وهذا موضوع يحتاج لدراسات وإعادة نظر في أدوات القياس الحالية، وبالذات في الجامعات ومخرجاتها.

أعزائي القرّاء، لابد أن ندرك أنه عندما تتطور التكنولوجيا يتطور معها كل ما يتعلق بها، فكما أن هناك «تكنولوجيا التعليم» فلابد من ظهور «تكنولوجيا الغش»، فلذلك على وزارة التربية أن تطور طرق التقييم وطرق الحماية، فإلى متى ونحن لا نزال نختبر الطلبة عن طريق امتحانات ورقية، يسهل تصويرها وتسريبها في ثوانٍ!

إن ما يحزنني حقيقة، هو عندما أرى سهولة اختراق المنظومة التعليمية، من لصوص برعوا في استخدام التكنولوجيا الحديثة، من سماعات «النانو» وغيرها، واستطاعوا الالتفاف على أهم مركز للعلم والمعرفة «وزارة التربية»، وكأنهم يتحدّون الوزارة ويكشفون ضعف هذا النظام العجوز! والوزارة ما زالت مصرّة على تطبيق الاختبارات الورقية التقليدية على أبناء «الجيل الرقمي»، وتأخذ اختباراتها الورقية من المطبعة السرية أو «التي كانت سرية».

إن الحل الأمثل لهذه الثغرة برأيي هو تحويل الامتحانات الورقية إلى رقمية، كالمتّبع في الاختبارات النظرية للوظائف الإشرافية في الوزارة نفسها، وهذا نظام أكثر صرامة ويصعب اختراقه، والاختبار الرقمي عبارة عن وضع أكثر من 500 سؤال تقريبا في المقرر، يختار منها «الكمبيوتر» 100 سؤال لكل طالب بترتيب عشوائي، بعد تأكده من بصمة الوجه في نفس اللحظة، وبهذه الطريقة نضمن أنه لن يكون هناك نموذج ثابت للامتحان، ولو فرضنا، أن في أسوأ الحالات، تم تسريب كل الأسئلة، فمن يستطيع حفظ أكثر من 500 سؤال بيوم واحد!

ولاستكمال تطبيق هذا النظام، يلزمنا الاستعانة بـElite Hacker وهو «الهاكر الصديق» أو الأخلاقي الذي يعيننا على سد الثغرات الأمنية، ومنع هجوم «Black Hackers» أو ما يسمى «Crackers» المخترقين المخربين، وكما يقولون «ما يصيد الهاكر إلا الهاكر».

back to top