تَعمدتُ أن أقوم بتأخير مقالي المتواضع هذا لما بعد عيد الأسرة عيد الأم والأب، فكلاهما كانت له بصمة في حياتنا، ولا أذكر منها الكثير، فالأيام والليالي والسنون التي تعبوا فيه من أجلنا لابد أن نردها بكثير من البر ولا نستطيع الوفاء بذلك.
فعيد الأسرة لا يُترجم بهدية فقط، بل بالبر والعمل على إسعادهم والبعد عن كل ما يغضبهم، لأننا بالأمس كنا أسرة ولم يكن هناك عيد، واليوم عيد بلا أسرة عند بعضنا، فأتمنى أن تتبدل الحال للأفضل، فلا أحد ينسى ما قدمه الوالدان مهما تقدم بنا العمر، لأننا نعيش، حتى لو فقدناهم، من خلال تصرفاتنا التي تعلمناها منهم، كم أن تعلق الأبناء البررة بوالديهم طبيعي، فعندما يسدي إليك إنسان معروفاً لا تنساه فكيف لمن ربى وتعب؟!
ولقد وصانا الله تعالى بالوالدين بقوله: «فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا»، وقال رسولنا الكريم عندما جاء أحد يستأذنه في الغزو معه، هل لك من أمٍّ؟ قال: نعم، قال: الزَمْها فإنَّ الجنَّةَ عند رِجلَيْها، فالأم تقوم بأشياء لا يستطيع الأب عملها مثل الحمل والولادة والرضاعة، وهذا ليس تقليلاً من شأن الأب الذي لديه أدوار أخرى.
وعندما ترحل الأمهات تصدأ الإبر التي تُخيط الجراح، ولا يوجد من يجبر كسر قلبك بعد ألم الفراق إلا الله تعالى، لذلك علينا ألا نغفل عن السؤال عنهم، فالأم لا تضاف إلى قائمة الغائبين، ومهما طال غياب أمي واشتياقي لها فإنها تبقى حاضرة وباقية ما بقى لي من العمر، تبقى مع أبي في حديثي وصمتي ودعائي.
فالموت حق علينا جميعاً، رحم الله تعالى والدي اللذين أوجعني رحيلهما، وأطال في أعماركم ورزقكم بر الأبناء، فلنكثر من الدعاء لهم كي ترتقي منازلهم في الجنة، ونكون بصحبتهم بإذنه تعالى.