بقلوب وجلة وألسنة تفيض بالدعاء لإخواننا الذين مسهم الضر في فلسطين، أدى ضيوف بيت الله الحرام أمس ركن الحج الأكبر في موسم استثنائي يتضمن 3 خُطب متتالية على مدار 3 أيام، كما أنه تقني بامتياز في ظل اعتماد السعودية على أحدث تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في إدارة أكبر التجمعات الدينية في العالم.
وعلى صعيد عرفات الطاهر وقف الحجاج بلباسهم الأبيض يرجون المغفرة والرحمة، في موسم استثنائي تزامنت فيه هذا العام خطبة الجمعة مع يوم التروية، وخطبة يوم عرفة أمس، وخطبة العيد اليوم.
ومع إشراقة صباح أمس، بدأت قوافل حجاج بيت الله الحرام التوجه إلى مشعر عرفات، للوقوف فيه وقضاء يوم عرفة وتأدية ركن الحج الأكبر.
وتمت عملية التصعيد إلى مشعر عرفات عبر قطار المشاعر الذي يستوعب 72 ألف راكب في الساعة الواحدة، إضافة إلى 12 ألف حافلة بنظام التردد لنقل الحجاج عبر مسارات منظمة وخطة مدروسة، كما غادر الحجاج مكة المكرمة بالحافلات أو سيراً على الأقدام متجهين إلى عرفة على بعد بضعة كيلومترات من المسجد الحرام.
وقبل أن تبدأ الجموع نفرتها الى مشعر مزدلفة مع غروب الشمس، أدى حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة اقتداء بالسنّة النبوية.
الدعاء للفلسطينيين
ووسط درجات حرارة مرتفعة، توجه الحجاج الذين أتوا من مختلف أنحاء العالم بالدعاء لأنفسهم وللفلسطينيين، الذين يصادف موسم هذا العام مع احتدام العدوان المستمر منذ 8 أشهر على قطاع غزة.
وطالب إمام وخطيب المسجد الحرام ماهر المعيقلي أمس بالدعاء للفلسطينيين.
وقال المعيقلي، في خطبة عرفة بمسجد نمرة: «ادعوا لإخواننا في فلسطين الذين مسهم الضر وتألموا من أذى عدوهم سفكا للدماء، وإفسادا في البلاد، ومنعا من ورود ما يحتاجون إليه من طعام ودواء وغذاء وكساء».
وأكد المعيقلي أن «الحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة وليس مكانا للشعارات السياسية ولا التحزبات، مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات التي تكفل أداء الحجاج لمناسكهم وشعائرهم بأمن وطمأنينة»، لافتا إلى أن «الشريعة جاءت بكل ما تزدهر به الحياة، وتحصل به التنمية، ومنعت من الإضرار بالآخرين، أو إلحاق الأذى بهم».
وطالب خطيب عرفة كل مؤمن بالسعي إلى المحافظة على سلامة الخلق واستقرار الحياة وانتشار الأمن وتمكن الناس من تحصيل مصالحهم الدينية والدنيوية، داعيا كل مسلم إلى عدم تمكين العابثين من محاولة التأثير في مقاصد الشرع.
حرارة مرتفعة
ودعت السلطات السعودية إلى استحداث رقم طبي للطوارئ، وتخصيص أكثر من 280 سريراً لحالات الإجهاد وضربات الشمس.
وأرسلت السلطات رسالة نصية إلى الحجاج يوم الخميس، تطلب منهم «شرب أكثر من لترين من الماء يوميا وبانتظام، وحمل المظلات الشمسية بشكل دائم»، محذرة من أن الحرارة قد ترتفع الى 48 درجة مئوية.
وأعلنت وزارة الصحة أنها لم ترصد أي حالات وبائية أو أمراض معدية بين الحجاج، مضيفة أنها «تتعامل بشكل فوري مع حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس».
وبدأ جموع الحجيج، مع غروب الشمس، نفرتهم إلى مزدلفة وصلوا فيها المغرب والعشاء ويبيتون فيها حتى فجر غد العاشر من شهر ذي الحجة.
ويعد مشعر مزدلفة ثالث المشاعر التي يمر بها الحجيج، ويقع بين مشعري منى وعرفات، ويبيت الحجاج فيه بعد نفرتهم من عرفات، ثم يؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ويجمعون منها الحصى لرمي الجمرات في مشعر منى غدا وفي أيام التشريق الثلاثة.
وانتشر رجال الأمن والمرور والدفاع المدني والحرس الوطني والكشافة، وغيرها من الجهات الحكومية المساندة، عبر مواقعهم المعدة لتنظيم حركة السير ومساعدة ضيوف الرحمن.
وحلقت الطائرات العمودية فوق الطرقات التي يسلكها الحجاج لمتابعة رحلتهم إلى صعيد عرفات، وفق خطة الحركة المرورية والترتيبات المساندة لسلامة الحجاج.
خدمة الحجاج
وأكد وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري أن خدمة الحجاج أهم واجب تقوم به المملكة، لافتا إلى أن القيادة تشرف على تلك الجهود بشكل مباشر على مدار الساعة.
وقال الدوسري، للصحافيين المشاركين في تغطية الحج، «الحكومة تستنفر كل طاقاتها وقدراتها، دون حساب لأي تكاليف، لضمان موسم آمن، يؤدي فيه ضيوف الرحمن مناسكهم بيسر وطمأنينة، مسخّرة في ذلك أحدث التقنيات للتيسير عليهم»، مشيراً إلى أنها «لا تفرق بين الجنسيات عندما تقوم بأي إجراء أو تنظيم».
وأضاف من مقر «ملتقى إعلام الحج»: «في المملكة الأفعال تسبق الأقوال، وهو مبدأ راسخ في خدمة ضيوف الرحمن»، لافتا إلى أن جميع جهات الدولة وقطاعاتها تعمل بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبإشراف مباشر ومتابعة شخصية آنية على مدار الساعة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، لضمان أداء الحجاج مناسكهم بيسر وسهولة.
وتابع: «كل حاج أتى نظامياً إلى المملكة له حقوق واجب على الحكومة السعودية أن تضمنها له وتحافظ عليها»، مشددا على أنه «لا أحد يقبل بأن يسلب حاج قدم بلا تصريح حق حاج آخر قدم من آخر الدنيا إلى الحج ملتزماً بالأنظمة والإجراءات المرعية».