الاقتصاد المحلي متغير تابع لحركة أسعار النفط
«الإضاءة الوحيدة في تقارير وكالات التصنيف هي تأكيد ملاءة القطاع المصرفي وكفاءته»
قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي، انه في 7 الجاري، أصدرت وكالة ستاندرد آند بورز تقريرها حول التصنيف السيادي للكويت، خلاصته كانت تثبيت التصنيف عند (+A) مع نظرة مستقبلية مستقرة، وسبق تقريرها توصيف من بعثة صندوق النقد الدولي، وتصنيف مماثل لوكالة موديز في مايو الفائت، والتقارير الثلاثة بنفس المحتوى.
وثبات التصنيف حجم المصدات المالية أو احتياطات الكويت المالية مبرر، والمخاطر ثابتة أيضاً، فلا إصلاح على المستوى المالي أو الاقتصادي، إضافة إلى أن الاعتماد في الكويت على مصدر دخل وحيد، أو صادرات النفط، هو الأعلى مقارنة بمنتجي النفط الآخرين.
وقد تسبب إدمان الاعتماد على النفط في انكماش الاقتصاد بنحو 1.8 بالمئة عام 2023، وانكماش محتمل بحدود 2.3 بالمئة عام 2024، وسببهما انخفاض إنتاج وأسعار النفط ضمن توافق «أوبك+».
بمعنى آخر، أداء الاقتصاد الكويتي مجرد متغير تابع بشكل شبه كامل لحركة إنتاج وأسعار النفط، ولا تملك الإدارة الكويتية أي قدرة على التأثير بمتغيرات سوق النفط، وما لم تسهم محركات داخلية في توليده، فسيظل «اقتصاد سماري».
في جانب عنصر القوة، أو المصدات المالية، تقدر وكالة ستاندرد آند بورز حجم احتياطات الكويت المالية بحدود 418 في المئة – نحو 400 في المئة وفقاً لموديز– حجم الناتج المحلي الإجمالي، المقدر بنحو 171 مليار دولار لعام 2024 وفقاً لنفس المصدر، ما يعني أن تقديرها لحجم الاحتياطات المالية– المصدات– للكويت بحدود 715 مليار دولار، أو أدنى بنحو 208 مليارات دولار من تقديرات معهد الصناديق السيادية، البالغ 923 مليار دولار.
ولا نعرف الحجم الحقيقي أو الرسمي لتلك الاحتياطات التي كانت بعض أرقامها تعرض على مجلس الأمة في جلسة سرية في شهر يونيو من كل عام في استعراض الحكومة لتقرير «الحالة المالية للبلد»، وربما يعود الفرق بين مصادر وكالات التصنيف ومعهد الصناديق السيادية إلى احتساب الوكالات لحجم الالتزامات على تلك الاحتياطات، مثل العجز الاكتواري.إذا استمرت الحال على ما هي عليه فسيتآكل المدى الزمني حتى يصبح الإصلاح غير ممكن
والإضاءة الوحيدة في التقرير، وكل تقارير وكالات التصنيف، هي تأكيد ملاءة وكفاءة القطاع المصرفي المحلي، وحرفية رقابته من بنك الكويت المركزي.
وفي جانب توصيف وضع الاقتصاد، تذكر الوكالة أن الكويت الأكثر إدماناً على النفط من قريناتها، لأنه يمثل 90 في المئة من حصيلة الصادرات، و90 في المئة من إيرادات الموازنة العامة، و50 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وترتفع النسبة الأخيرة إذا اعتبرنا أن صناعة التكرير وصناعة البتروكيماويات بقيمتيهما المضافتين، نفط أيضاً.
ولنفس السبب أيضاً، أي شدة الاعتماد على النفط، سيحقق الاقتصاد نمواً بمعدل 2.4 في المئة للسنوات 2025 – 2027 عندما تبدأ الكويت باستعادة تدريجية لحصتها الإنتاجية التي فقدتها طوعياً ضمن اتفاق «أوبك+»، وليس لسبب ناتج عن إصلاح محتمل.
وتتوقع الوكالة أن تبدأ أسعار النفط بالانخفاض في عام 2025، ذلك في تقديرنا صحيح مع التحولات في أسواق الطاقة، بحق أو بباطل، إضافة إلى احتمال بدء تلاشي علاوة المخاطر الجيوسياسية على الأسعار، وذلك ما يجعل تحدي الإصلاح المالي الذي يواجه الكويت أكثر صعوبة في المستقبل.
كل ما تقدم معروف، وكل من شارك في نصح الحكومة الكويتية على مدى 4 عقود من مستشارين أجانب أو هيئات دولية أو اجتهادات محلية، أجمعت على نفس التشخيص، وأجمعت ليس فقط على غياب جهود الإصلاح المالي والاقتصادي، وإنما على الإمعان في تبني سياسات مخالفة للنصح ما أدى إلى تعميق الفجوات الهيكلية في الاقتصاد، وإن استمر الحال على ما هو عليه، فسيتآكل المدى الزمني حتى يصبح الإصلاح غير ممكن.