ليس بالتهديد والوعيد ستنتهي مأساة واقع العمالة الأجنبية بعد احتراق سكنهم في المنقف، وكان علبة سردين لبشر «أوادم» حالهم من حالنا، ولكن لظروفهم التعيسة فرضت عليهم العمل في بلد دون أن يكون لهم أبسط حقوقهم الإنسانية في المعيشة الكريمة، ولن تنتهي مأساتهم بالتعهد بـ «شيلة فلان وعلان» من البلدية، أو إطلاق عبارات عائمة عن تحديد المسؤول المباشر ونسيان أو عدم اكتراث مختلف الحكومات لواقع البشر الذين تحيا الكويت اليوم على أكتافهم.
البلدية التي «ما يشيل فسادها البعارين» كانت عبارة الأمير الراحل صباح الأحمد لوصف هذه الإدارة الخربة التي تفتح عيناً على ناس، وتغلق العين الأخرى على ناس آخرين، وتمشّي مخالفات ناس (طبعاً من سكان الحظوة والموقع السكني المرموق)، وتستعرض عضلها القانوني على آخرين من الذين يسيرون تحت الساس. إذا كان هذا الفساد المتربع فوق ظهور البعارين ممتداً منذ سنوات طويلة، فماذا فعلت السلطة معه ومع بعارينها؟!... لم تفعل شيئاً، «شيل مسؤول» وحط «مسؤول» يصير فيما بعد غير مسؤول، وشكّل لجنة تحقيق، واحشر نتائجه في درج حكومي أو في صفيحة زبالة.
المهم والخطر الأكبر، هو العمالة الأجنبية التي تبني بيوتكم وتصلح مواسير دورات مياهكم حتى لا تتراكم فيها مخرجاتكم المعوية، وتركّب شبابيكم وعوازل الحرارة وتشد المكيفات السنترال لكي تخمدوا في القيلولة بعد وجباتكم الدسمة، هم العمال العزاب المتوحشّون، اعزلوهم، اقذفوا بهم في أي مكان بعيداً خارج فلل ستائرها حرير وتطير مع العصافير. المهم خدمات هؤلاء العمال أصحاب مرض الجذام المعدي في امبراطوريات بني نفط تكون جاهزة تحت الطلب والخدمة إذا تمت الحاجة إليها، وهناك حاجة دائمة لأصحاب الهيئات الداكنة من لهيب الشمس.
ماذا عن مسؤوليات هيئات أخرى، مثل الكهرباء التي أوصلت الخدمة لعمارات مخالفة، وهل كانت هناك فرق تفتيش للعمارات ومخالفة أصحابها الذين يؤجرون عماراتهم لشركات رأسمالية وقحة مجرمة، تضع المقسوم في جيوب الملّاك السعداء وتزجّ بالمساكين في الأقفاص الخانقة لكل شقة؟ وإذا اعترض أي آدمى مهموم، ردّ عليه أصحاب الأيدي الناعمة: «شوفوهم شلون كانوا عايشين في ديرتهم... خلهم يقولون الحمد لله على نعمتهم هني...» منتهى الإنسانية!! ولنا أن نعبّر عنها كما نريد في وسائل «الهباب» الاجتماعي.
أين ذهبت الوعود الحكومية القديمة عن فرض بناء مدن أو مدينة عمالية لكل شركة ووكيلها المحلي حين تلتهم خير المناقصات الحكومية... ما العمل؟ ننتظر فعلاً جاداً من هذه الحكومة وليس وعداً وتهديداً... هل تقرأ ما يُكتب بأن «الخراب رهيب والشق عود؟» ننتظر بعضاً من الترقيع كالعادة.