على وقع توتر عسكري فوق العادي بين الكوريتين، استبق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة استثنائية لكوريا الشمالية بالتصديق على مسودة اتفاقية للشراكة الاستراتيجية الشاملة، سيتم توقيعها في لقائه المرتقب مع الزعيم كيم جونغ أون.

وقبيل لقائه الزعيم كيم، كتب بوتين، في مقال بصحيفة «رودونغ شينمون» الرسمية ونشرته وكالة الأنباء الكورية الشمالية وموقع الكرملين: «نحن نقدر عالياً دعم كوريا الشمالية الثابت والقوي للعمليات العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، وتضامنها المستمر معنا في القضايا الدولية الكبرى»، مضيفاً: «نحن نعمل بنشاط على تطوير شراكة متعددة الأوجه وتوسيع تعاوننا المتبادل والمتساوي وتطوير آليات الدفع التي لا يسيطر عليها الغرب».

Ad

وأشار الرئيس الروسي إلى أن زعيم كوريا الشمالية يتبع بثقة المسار الذي وضعه أسلافه رجال الدولة البارزون وأصدقاء الشعب الروسي، الرفيقان كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل.

ووجه بوتين الشكر إلى كوريا الشمالية على تضامنها في القضايا الدولية المهمة، مضيفاً أنها «ملتزمة وتشاطرها الأفكار» ومستعدة لمواجهة تطلعات الغرب لمنع إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب.

وقال بوتين، الذي سيقوم غداً أيضاً بزيارة دولة ودية إلى فيتنام شريك روسيا الآخر في الحقبة السوفياتية، إن موسكو وبيونغ يانغ لديهما خطط للتعاون في بناء بنية أمنية في أوراسيا، ومواجهة العقوبات الغربية، وإنشاء أنظمة معاملات مستقلة وستعملان على تطوير أنظمة بديلة للتجارة بينهما والتسويات المالية المتبادلة غير خاضعة لسيطرة الدول الغربية، وأيضاً تطوير رحلات سياحية متبادلة، وزيادة التبادلات الثقافية والتعليمية والشبابية والرياضية».

وشدد بوتين، الذي توقف في الشرق الأقصى الروسي وهو في طريقه للقاء الزعيم الكوري الشمالي وعقد سلسلة من الاجتماعات لأول مرة منذ عام 2014 بجمهورية ساخا المنتجة للألماس، على أن موسكو وبيونغ يانغ ستعارضان بشكل مشترك إجراءات الدول الغربية وقيودها «غير المشروعة» ضدهما في إشارة إلى العقوبات الدولية المفروضة عليهما، ورغبتهما نحو التحرر من النظام المالي العالمي.

أميركا و«الناتو»

وعززت أول زيارة لبوتين لبيونغ يانغ منذ عام 2000 قلق خصومه الأميركيين والأوروبيين الذين يرون أن تقاربه مع كيم يطرح تهديداً ويتهمون كوريا الشمالية باستخدام مخزونها الضخم من الذخائر لتزويد روسيا بها لشن هجماتها في أوكرانيا مقابل حصولها على مساعدة تكنولوجية ودبلوماسية وغذائية من الكرملين.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: «ما يقلقنا هو تعزيز العلاقة بين هذين البلدين ليس فقط بسبب تأثير ذلك على الشعب الأوكراني، لأننا نعرف أن صواريخ بالستية كورية شمالية لا تزال تستخدم في ضرب أهداف أوكرانية، بل أيضا لأنه قد يحصل تبادل من شأنه أن يؤثر على أمن شبه الجزيرة الكورية».

صورة غير مؤرخة قدمتها وزارة الدفاع الكورية الجنوبية ويبدو جنود شماليون يعملون في مكان غير معلوم بالقرب من الحدود شديدة التحصين

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، على هامش زيارته لواشنطن ولقائه الرئيس جو بايدن، إن «زيارة الرئيس بوتين تظهر مدى اعتماده الآن على الدول الاستبدادية في جميع أنحاء العالم»، مضيفا: «أقرب أصدقائهم وأكبر الداعمين للمجهود الحربي الروسي - الحرب العدوانية - هم كوريا الشمالية وإيران والصين».

وردا على سؤال حول الإجراءات التي يمكن أن يتخذها «الناتو» قال ستولتنبرغ: «هناك العديد من العقوبات بالفعل على كوريا الشمالية. والمشكلة هي أن روسيا تنتهك الآن تلك العقوبات».

مناورات «الهادئ»

وفي حين دعا ستولتنبرغ إلى جعل الصين تدفع ثمن دعمها لبوتين، بدأت روسيا مناورات بحرية في المحيط الهادئ وبحر اليابان أمس تشمل تدريبات على عمليات مضادة للغواصات وللضربات الجوية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن هذه المناورات، التي يشارك فيها 40 زورقا وقاربا وسفينة بالإضافة إلى نحو 20 طائرة ومروحية ستستمر «من 18 إلى 28 يونيو في مياه المحيط الهادئ وبحر اليابان وأوخوتسك» في أقصى الشرق الروسي.

ويظهر مقطع فيديو نشرته الوزارة الكثير من السفن والغواصات تبحر قبالة بحر اليابان في فلاديفوستوك، الميناء الرئيسي للأسطول الروسي في المحيط الهادئ.

وأشارت الوزارة إلى أنه «في مراحل مختلفة، سيقوم البحارة بالتدريبات على عمليات مضادة للغواصات، وعلى الضربات الصاروخية ضد مجموعات من سفن عدو تقليدي» و»صد هجمات مسيّرة جوية وبحرية».

وقبيل وصول الرئيس الروسي، عَبَر عشرات الجنود الكوريين الشماليين الحدود شديدة التحصين مع الجنوب للمرة الثانية خلال أسبوعين، لكنهم تراجعوا بعدما أطلق الجيش الكوري الجنوبي طلقات تحذيرية.

وفي حادث آخر، أفادت هيئة أركان الجيش الكوري الجنوبي بأن عددا من الجنود الكوريين الشماليين المتمركزين قرب الحدود مع كوريا الجنوبية أصيبوا بجروح في انفجار لغم أرضي.

وأوضحت أن توغّل الجنود الكوريين الشماليين داخل خط ترسيم الحدود العسكري أمس كان عرضياً ومرتبطاً بانفجار ألغام، لأن جميعهم كانوا يحملون أدوات.