«نحن في وضع خطير، ويجب منع التصعيد، وأي وقف لإطلاق النار في غزة يمكن أن ينعكس على لبنان».

عملياً فإن هذا الموقف الذي أطلقه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من بيروت يشير إلى قناعة لديه بأنه لم يعد هناك مجال لوقف النار في الجنوب بمعزل عن وقف إطلاق النار في غزة، وهذا ما يعتبره «حزب الله» ورئيس مجلس النواب نبيه بري الأمر الواقعي بعيداً عن الطروحات السابقة التي كانت تدعو إلى فصل الجبهتين عن بعضهما، لذلك وفي معرض ربط هوكشتاين الملفين مع بعضهما ركز على المساعي المستمرة للوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وكأنه كان يحفز اللبنانيين على دفع «حماس» إلى قبول مقترح الرئيس جو بايدن بهذا الخصوص.

دون ذلك، كان هوكشتاين واضحاً إزاء المخاطر المتصاعدة من احتمال اتساع رقعة المواجهة والتصعيد بين إسرائيل و«حزب الله».

وقال هوكشتاين، من عين التينة بعد لقائه بري، إن زيارته جاءت بناء على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن، مضيفاً: «إننا نمر بأوقات صعبة.

الوضع على الحدود في غاية الخطورة، ونريد حلولا حاسمة تسمح بإعادة الهدوء وعودة السكان لجنوب لبنان وشمال إسرائيل»، وشدد على أن «الحرب ليست في مصلحة أحد»، متابعا: «نريد تجنب المزيد من التصعيد بين لبنان وإسرائيل بدلا من حرب مفتوحة»، وأشار إلى أن النزاع حول جانبي الخط الأزرق استمر وقتاً طويلاً ومن مصلحة الجميع وقفه.

Ad

وحسب ما تقول مصادر متابعة فإن هوكشتاين حمل رسائل تهديد واضحة، وهناك من يصفها بأنها المحاولة الأخيرة، وأن الوضع ليس جيداً، ولم تعد الأمور تحتمل، وفي حال عدم إنجاز ترتيبات سريعة فإن الأوضاع ستتدهور بشكل كبير، ومما قاله هوكشتاين في اللقاءات أيضاً بحسب المصادر: «على اللبنانيين أن يكونوا متجاوبين، خصوصاً أن معركة رفح شارفت على النهاية، وأن ذلك سيؤدي إلى تصعيد في لبنان، لن يكون أحد قادرا على فعل شيء لوقفه».

كما ركز المسؤول الأميركي على دور الجيش اللبناني في الجنوب بعد الاتفاق على ترتيبات محتملة لنشره.

في المقابل، دافع الرئيس بري عن «التزام حزب الله بقواعد الاشتباك، بينما الإسرائيليون هم الذين يتجاوزون قواعد الاشتباك ويستمرون في التهديد».

وتؤكد مصادر قريبة من رئيس المجلس أن هوكشتاين مدرك ارتباط الجبهة في لبنان بالوضع في القطاع الفلسطيني، وأن غزة هي مفتاح الحل، لذلك شدد على ضرورة تخفيض المواجهات قبل البحث في البرنامج الذي كان قد اقترحه سابقاً، حول إعادة السكان على الجانبين، وسحب المظاهر المسلحة وإطلاق مسار الترسيم البري.

وبحسب المصادر فإن هوكشتاين مقتنع بالمعنى الواقعي أن أي حل للوضع على الجبهة الجنوبية للبنان سيكون بالعودة إلى ما قبل 7 أكتوبر الماضي، أي إعادة الهدوء والاستقرار، مع تقديم ضمانات سياسية وعسكرية وأمنية بعدم حصول أي توتر لتتمكن تل أبيب من إعادة سكانها، والذي سيكون مرتبطاً أيضاً بعودة أهالي الجنوب إلى قراهم ومنازلهم.

لأنه دون عن القبول بهذا الخيار، فكل الخيارات الأخرى غير متاحة، لا الدخول في حرب واسعة، ولا تنفيذ عملية برية، علماً أن الفترة الأفضل بالنسبة للأميركيين والإسرائيليين كانت ما بين عامي 2006 و2023، والتي كانت فيها الحدود مستقرة بضمانات الاتفاق السياسي وقرار مجلس الأمن الدولي الـ1701.

حالياً، فإن ما يركز عليه هوكشتاين هو البحث عن بعض التعديلات على آلية تطبيق القرار بشكل يحفظ ماء وجه الطرفين.

ووفق ما تقول المعطيات فإن هوكشتاين يمتلك سلة شاملة، وهي وقف إطلاق النار، وإعادة السكان، وسحب المظاهر المسلحة وعدم ظهورها مطلقا، بدون الإتيان على انسحاب «حزب الله» أو سحب قواته، وتعزيز الجيش اللبناني واليونيفيل، وإعطاء ضمانات حول التنقيب عن النفط والغاز، إضافة إلى استثمارات من قبل جهات خارجية في الجنوب وإعادة إعماره، وصولاً إلى المسار الثالث لاحقاً وهو ترسيم الحدود البرية والذي لا يزال مؤجلاً ومعلقاً بسبب مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

إلى ذلك، تحدث مسؤول عسكري إسرائيلي كبير، اليوم، عن أن «حزب الله اضطر إلى سحب قواته لمسافة 8 كلم داخل الأراضي اللبنانية»، لافتاً إلى «نجاح المنظومة العسكرية الإسرائيلية في إبعاد خطر اجتياح حزب الله لمناطق واسعة بالجليل، بعد قيامها بسلسلة اغتيالات لمسؤولين وقادة عسكريين به على مدار المواجهة المفتوحة منذ 8 أشهر».

وفيما بدا أنه رد على تحذيرات هوكشتاين، نشر حزب الله فيديو قال إنه لصور جوية التقطتها مسيراته لقواعد عسكرية إسرائيلية حساسة ولميناء حيفا.

وأراد الحزب، من خلال هذا الفيديو، الرد على الكلام الإسرائيلي بأنه أصبح بعيداً عن الحدود.