هل كان التعليق لمصلحة فئة؟! وما القادم على الصعيد الشعبي؟!!
في وليمة عشاء فاخرة تشرفت بحضورها يوم الثلاثاء الماضي في إحدى مناطق محافظة الجهراء التي يتسم أهلها بطيبة وكرم لا متناهيين، وتحديداً بمناسبة عودة أحد الأعزاء من رحلة علاج في الخارج، ما انفك الناس من بعد احتساء المشروبات «الكافيينية» الساخنة في هذه الأجواء الصيفية الحارة عن الأحاديث الشيقة والنكات الطريفة التي ترتفع معها القهقهات، وأتى الحديث عن الراحة والحالة التي يعيشها الشعب من انتظام للحياة بعد حل المجلس... وهكذا.
المسألة هنا ليست اتفاقاً أو اختلافاً في الرأي عن حال البلد أو حل المجلس أو قبول حالة الجمود الحالية في الإطار السياسي، ولكن كان هناك نقاش بناء على رأي غريب وإلى حد ما «شاذ»، ألا وهو أن حل المجلس وتعليق بعض مواد الدستور هو في الواقع حال سيكون من مصلحة فئة اجتماعية من الشعب دون الأخرى في الكويت، وهنا بدأ النقاش من جانبي والحضور واستلهمت مضامين هذا المقال كذلك.
بداية إن أردنا وضع الأمور في نصابها الدستوري والقانوني، فقد مارس رئيس الدولة صلاحياته وحقاً من حقوقه لا أكثر في أمر ارتضاه واقتنع هو به للمصلحة العامة للبلاد، والخوض في نقاش داخل أو خارج نظرية الدستور وإطاره، فهو ليس من الواقع في شيء البتة، لا الواقع الكويتي ولا حتى العالمي.
وبالمناسبة وعلى صعيد أممي فإنكلترا وفرنسا مارستا أموراً مشابهة مؤخراً لمصلحة البلاد العليا والوطنية، أما الأمر الآخر وهو أن مجموعة ستستفيد من حل المجلس بشكل مباشر وعلى صعيد شخصي فهو محض افتراء وادعاء وشيء من الخيال العلمي، فلا تاجر ولا عامل سيستفرد ببلد وكأنه كعكة قد بردت وحان وقت تقطيعها لالتهام كل ما فيها من طيب.
قرار التعليق، وكما ارتآه صاحب السمو أمير البلاد المفدى، الشيخ مشعل الأحمد الصباح هو للمصلحة العليا الوطنية، ومن مصلحة كل مواطن يعيش على هذه الأرض الطيبة، وبهدف إعادة ترتيب الملفات بشكل نظامي شامل كامل للحد من بعض الممارسات والسلوكيات التي شوهت الحياة البرلمانية، أما القادم فلا محالة هو على ثلاث موجات إصلاحية كما أراها شخصيا:
الموجة الأولى تتعلق بكل ما يتصل بالترتيبات الإدارية وإصلاح أي اعوجاج كان على مستوى الدولة لا محالة من خلال قرارات حاسمة وحازمة تكون على شكل نبضات وصدمات كهربائية للهيكل الإداري.
والموجة الثانية تتعلق بالإصلاحات القانونية والإدارية من الناحية التشريعية، وسن القوانين الموائمة لهذه المرحلة ومعالجة أي خلل في قوانين سابقة كذلك، وخير مثال يحتذى به ويستدل عليه هو ما تعهد به كل من وزير الداخلية والبلدية في معالجة تداعيات فاجعة منطقة «المنقف» الأخيرة التي كان لها صدى دولي كبير جداً.
والموجة الثالثة، التي قد تكون الأهم، هي الإعداد لبنية تحتية لحياة برلمانية أكثر اتزاناً في ظل تعديلات دستورية مناسبة ومواكبة للمرحلة المقبلة.
وعليه فعودة المجلس في قادم الأيام أمر حتمي لا محالة، ولكن بصورة جديدة، وحُلة تناسب المواطن الكويتي في هذا الزمان من دون صراعات جانبية، مع المحافظة على هدوء نسبي في الجو العام.
ففي النهاية، يعلم الجميع أن المواطن الكويتي يتنفس ويعشق الحرية وله في البرلمان متنفس كبير، وهو ما يزيد المسؤولية على الحكومة الحالية، فكل الأضواء تتركز عليها، والأعين تحاسبها على كل تحركاتها، والألسن تتناقل أخبارها قياما وقعوداً دون رقابة ومحاسبة برلمانية شعبية.