أجرى مركز الدراسات التابع لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية، استطلاع رأي مفصلاً بعد أول مناظرة تلفزيونية جمعت المرشحين الـ 6 للانتخابات الرئاسية المقررة في 28 الجاري، لاختيار بديل للرئيس إبراهيم رئيسي، الذي قضى في حادث تحطّم مروحيته قرب الحدود مع أذربيجان في مايو الماضي.

وقال مصدر مطلع بالمؤسسة، لـ «الجريدة»، إنه تم رفع نتيجة الاستطلاع إلى مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، ولم يتم نشره التزاماً بالتعميم الذي أصدرته الحكومة بمنع نشر أي إحصاءات بهذا الشأن.

Ad

وأظهر الاستطلاع أن نحو 50 بالمئة من الإيرانيين مازالوا غير مقتنعين بالمشاركة في الانتخابات، وأن المناظرة الانتخابية الأولى التي جرت مساء الاثنين الماضي لم تغيّر رأيهم حول عدم جدوى المشاركة، كما أظهر، حسبما كشف المصدر، أن معظم المتابعين للمناظرة قالوا إنهم لم يستطيعوا أن يجدوا فوارق كبيرة بين آراء المرشحين، وأن مسعود بزشكيان، المرشح الوحيد المحسوب على الإصلاحيين من أصل 6 مرشحين، ظهر بشكل ضعيف جداً، في حين أظهر الأصولي المعتدل مصطفى بور محمدي تماسكاً وآراء أفضل من بقية المرشحين.

ورغم ذلك، حصل بزشكيان على 40 بالمئة من أصوات الناخبين الذين قالوا إنهم سيشاركون في الانتخابات، وفق الاستطلاع، متقدماً بـ 5 نقاط على رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الحالي الأصولي محمد باقر قاليباف (35 بالمئة)، في حين حصل الأصولي المنتمي إلى الجناح المتشدد سعيد جليلي على 15 بالمئة من نوايا التصويت، والوسطي مصطفى بور محمدي على 3 بالمئة، في حين لم يتمكن المرشحان أمير حسين قاضي زاده هاشمي، وعلي رضا زاكاني، من الحصول على أكثر من 1 بالمئة من الأصوات، وقال 6 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يزالون مترددين بشأن مرشحهم المفضل.

وأشار المصدر إلى أن الاستطلاع نُظم بين مساء الاثنين ومساء الثلاثاء الماضيين، وكان لافتاً أن نسبة التأييد لبزشكيان ارتفعت بشكل ملحوظ من نحو 20 المئة إلى 40، بعد إشراكه محمد جواد ظريف في برنامج طاولة مستديرة نظّمته مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الثلاثاء، ومنحه وزير الخارجية السابق الوقت المخصص له للحديث عن السياسة الخارجية بصفته مستشاره للشؤون الخارجية.

وتؤكد نتائج الاستطلاع أنه ليس بإمكان أي مرشح حسم الاقتراع من الجولة الأولى، وسيحتاج الأمر إلى دورة ثانية بين المرشحين الأقوى بزشكيان وقاليباف، لكن في حال اتفق المحافظون على توحيد صفوفهم خلف قاليباف، وقاطع ما يزيد على 50 بالمئة من الناخبين التصويت، فهناك فرص مقبولة لفوز قاليباف من الدورة الأولى، خصوصاً أن بزشكيان لم يستطع حتى الآن جذب الجمهور الرمادي.

وأوضح المصدر أن نتائج هذا الاستطلاع، تتفق، إلى حد كبير، مع إحصاءات ودراسات أجرتها مؤسسات أخرى تابعة لمكتب خامنئي، وجميعها أشارت إلى أن الإصلاحيين يراهنون على جذب الناخبين الرماديين، لكنّ بزشكيان بأدائه الضعيف لناحية الطموحات الإصلاحية واستناده إلى خطاب ديني يزايد فيه على بعض الأصوليين يجعل هذا الهدف شبه مستحيل.

وأضاف أن هذا الوضع بالتحديد يقلق الكثير من المراقبين، لأنه يشكل بيئة مناسبة لاشتعال أزمة كبيرة على غرار اضطرابات انتخابات 2009، حينما نظّم الإصلاحيون حملة انتخابية كبيرة، وكانوا مطمئنين إلى أن مرشحهم مير حسين موسوي سيهزم محمود أحمدي نجاد الساعي إلى ولاية ثانية، لكنّ موسوي خسر الاقتراع حسب الأرقام الرسمية، وهو ما دفع الإصلاحيين إلى اتهام السلطات بالتزوير، والنزول إلى الشارع بقوة تحت راية ما عُرف بـ «الحركة الخضراء».

وذكر أنه بالرغم من أن بزشكيان لا يحظى بـ «كاريزما» موسوي، فإن داعميه الحاليين هم أنفسهم الذين دعموا الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي عام 1997، وشاركوا في الحملات الانتخابية لموسوي ومهدي كروبي في 2009، وانخرطوا بنشاط في احتجاجات الحركة الخضراء.

وحسب المصدر، فإنه بعد أداء بزشكيان الضعيف في مناظرة الاثنين الماضي، قرر الإصلاحيون الدفع بشخصيات الصف الأول لدعمه، ومن هنا جاءت مشاركة ظريف في الطاولة المستديرة، وقد أظهرت هذه الاستراتيجية نجاحها، وقد تُمكّن الإصلاحيين من قلب الطاولة وإقناع الناخبين المترددين بالتصويت لمصلحتهم.