أجج مقطع فيديو نشره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواقع التواصل، خلافاته العلنية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد أن هاجم ما وصفه بـ «التعليق المتعمد لشحنات الأسلحة المُعدّة لحرب إسرائيل ضد حماس المدعومة من إيران في غزة»، وهو ما أثار حفيظة البيت الأبيض الذي ردّ بتأجيل اجتماع استراتيجي مهم بين البلدين الحليفين كان مقرراً اليوم إلى أجل غير مسمى.
وقال نتنياهو في الفيديو الذي نُشر بالتزامن مع دخول حرب غزة يومها الـ 257: «من غير المعقول أن تقوم الإدارة الأميركية في الأشهر القليلة الماضية بحجب الأسلحة والذخائر عن إسرائيل. إن إسرائيل، وهي أقرب حلفاء أميركا، تقاتل من أجل حياتها، وتقاتل إيران وأعداءنا المشتركين الآخرين».
وأضاف رئيس الائتلاف اليميني الحاكم في الدولة العبرية: «خلال الحرب العالمية الثانية، قال رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل للولايات المتحدة: أعطونا الأدوات، وسوف نقوم بالمهمة. وأنا أقول: أعطونا الأدوات وسننهي المهمة بشكل أسرع بكثير».
غضب وعواقب
في المقابل، رفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، ادّعاءات نتنياهو، وقالت: «باستثناء شحنة أسلحة واحدة، فإن تزويد بقية الأسلحة تقدم كالمعتاد، ونحن لا نعرف فعلا عمّ يتحدث».
وبعد ساعات من كلام نتنياهو، التقى معه مبعوث الرئيس الأميركي، آموس هوكشتاين، الذي وصل إلى إسرائيل قادماً من لبنان، حيث أجرى مشاورات بها لتفادي اندلاع حرب مفتوحة بين «حزب الله» والدولة العبرية التي توشك على الانتهاء من عملية رفح الحساسة والمتاخمة للحدود المصرية.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولَين إسرائيليين قولهما إن «هوكشتاين سلّم نتنياهو رسالة شديدة للغاية، وقال له إن مقطع الفيديو والاتهامات التي تضمّنها ليست صحيحة وتجاوزت كل الحدود»، وإن كبار مستشاري بايدن قرروا إلغاء لقاء مجموعة العمل الاستراتيجي، الذي كان من المقرر أن يبحث «تهديدات إيران والجماعات المتحالفة معها»، بعد شعورهم بأن رئيس الحكومة «ناكر للجميل».
وذكر مسؤول إسرائيلي أن «البيت الأبيض أبلغ إسرائيل بأنه بدلا من مداولات طاقمي الجانبين الطويلة، سيعقد لقاء بين مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، ونظيره الإسرائيلي، تساحي هنغبي»، الذي كان في طريقه إلى الولايات المتحدة عندما صدر قرار البيت الأبيض بإلغاء الاجتماع الموسع.
ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن «هذا القرار يوضح أنه توجد عواقب للخدع التي يقوم بها نتنياهو. والأميركيون غاضبون جداً، ومقطع الفيديو الذي نشره نتنياهو تسبب في ضرر كبير».
في موازاة ذلك، سربت إدارة الرئيس الديموقراطي تقريرا عن قيامها بإرجاء عملية بيع أسطول من الطائرات المقاتلة «إف 15» لإسرائيل، رغم موافقة «الكونغرس» على الصفقة التي تبلغ قيمتها 18 مليار دولار، وتوصف بأنها واحدة من أكبر صفقات تسليح الدولة العبرية في السنوات الأخيرة.
وجاء التلويح بوقف الصفقة الضرورية لإسرائيل غداة تقرير عن نجاح ضغوط مارسها البيت الأبيض أخيراً لإقناع أعضاء بـ «الكونغرس» لسحب اعتراضهم عليها وتمريرها.
وأخبرت وزارة الخارجية الأميركية «وول ستريت جورنال»، أمس، بأنه «لا توجد سياسة لإبطاء عمليات نقل الأسلحة»، مضيفة: «نحن ننظر من الناحية التكتيكية إلى التوقيت. إنها مسألة متى».
مطالبة ونفي
وأتى التوتر الذي يعقّد جهود واشنطن لدفع حليفتها للمضيّ قُدما بتنفيذ خطة بايدن التي طرحها أخيراً لإقرار هدنة في غزة وتبادل المحتجزين مع «حماس»، في وقت التقى رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن، رئيس المكتب السياسي للحركة الفلسطينية في الخارج إسماعيل هنية، أمس الأول.
وقال مصدر مسؤول مطلع على الأمر لـ «تايمز أوف إسرائيل»، إن بن عبدالرحمن حثّ هنية على «تقديم تنازلات» بشأن المراجعات التي قدّمتها الحركة الأسبوع الماضي، على المقترح بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار.
وذكر مصدر آخر أن «العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق هي مطالبة «حماس» لإسرائيل بالموافقة على وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى من الصفقة، في حين تصرّ إسرائيل على أنها لن توافق على إنهاء الحرب إلا بعد إطلاق سراح جميع الرهائن وإزاحة حماس من السلطة».
في السياق، نفت مصر ما تردد عن موافقتها على المشاركة في قوة عربية تابعة للأمم المتحدة للسيطرة على المعابر مع قطاع غزة.
وقال مصدر رفيع المستوى، لـ «فضائية القاهرة الإخبارية»، إن موقف مصر لم يتبدل بشأن رفض اعتماد التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في معبر رفح الذي أفادت الإذاعة العبرية، أمس، بأن جانبه الفلسطيني بات مدمراً بشكل كامل بعد حرق وهدم جميع المباني وصالات السفر التابعة له من قبل الجيش الإسرائيلي.
معارك وتقديرات
ميدانياً، توغلت دبابات إسرائيلية ترافقها طائرات بـ 5 أحياء جديدة غرب رفح، فيما حذّر قائد «لواء غفعاتي» من أن أمام الجيش الإسرائيلي تحدياً كبيراً لهزيمة مقاتلي «حماس» في رفح «وقد دفعنا ثمنا باهظا لذلك».
وفي حين أشارت أوسط عبرية إلى أنه بعد نحو 40 يوما من القتال لا يزال الجيش بعيداً عن تحقيق المهام التي أنيطت به في رفح، أفاد رئيس بلدية المدينة الفلسطينية، أحمد الصوفي، بأن الجيش الإسرائيلي دمر أكثر من 70 بالمئة من مرافقها وبنيتها التحتية.
وبينما أودى الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ أكتوبر الماضي بحياة 37396 فلسطينيا، من بينهم 24 قتلوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أقر الجيش الإسرائيلي بإصابة 12 جنديا بينهم 5 في المعارك بالقطاع، ليرتفع بذلك عدد عناصره الجرحى إلى 3860.