أشاهد أحياناً قناة «history 2» التاريخية التي عرضت خلال فترة العيد برنامجاً وثائقياً مهماً بعنوان حروب ما قبل التاريخ (battles BC)، وكانت بعض الحلقات عن يوشع وداود، وهما، حسب ديننا الإسلامي، من أنبياء بني إسرائيل.
واستعرض البرنامج مقاطع من الكتاب المقدس الإنجيل (العهد القديم) مع تعليق من مجموعة من أساتذة الجامعات الغربية والمتخصصين بدقة متناهية، وصورت هذه المقاطع التوراتية يوشع وداود على أنهما قاتلان متوحشان وخائنان أبادا شعب كنعان ودمرا مدنهم من أجل وعد «يهوه» للإسرائيليين بالأرض الموعودة.
وبشيء من التفصيل، تصف التوراة أول معارك جيش يوشع الذي دخل أريحا بمساعدة إحدى العاهرات واسمها «راحاب»، حيث تم ذبح الرجال والنساء والأطفال والحيوانات وكل كائن حي، ثم تم حرق المدينة، ثم مدينتي «بيت هل» و«آي»، ثم حصار خمسة ملوك كنعانيين في مدينة «جبعون»، حيث حُبست الشمس فلم تغرب حتى تمت الإبادة (extermination).
أما داود، فقد استمر في تحقيق الوعد بالإمبراطورية الإسرائيلية، فسيطر على القدس، ثم قتل الرجال في «أيدوم»، وقطع رؤوس الجميع في «مواب»، وأرسل جيشه لحصار «رباح» عاصمة إقليم عمان، وبينما كان هو في القدس شاهد زوجة أحد الجنود واسمها «باتشيبا» فأغرم بها وأرسل زوجها إلى الجيش، ثم حملت باتشيبا من داود فطلب من زوجها أن يعود من المعركة ليعاشر زوجته ليخفي حملها، لكن الأخير فضل المعركة، فأمر داود قائد الجيش «يوهان» أن يجعله في الصف الأول لكي يُقتل، وهذا ما حصل، فتزوج داود من باتشيبا فولدت الطفل ميتاً، ثم ولدت سليمان الذي قام بتصفية إخوانه من أبيه، لأن داود كانت له عدة زوجات، وقتل زوجة أبيه «أبسلا»، كما قتل قائد الجيش «يوهان». كل هذا تم تفصيله في حلقتين طويلتين تترك في المشاهد انطباعين اثنين:
الأول: أنه لا عجب أن يسير نتنياهو والصهاينة والإنجيليون المسيحيون في القتل والسفاح في غزة على خطى أسلافهم، لأنهم يؤمنون بهذه الهرطقات المنسوبة إلى الدين بما فيها من وحشية، بينما نؤمن نحن ـ المسلمين ـ أنه لا يمكن أن يقوم أنبياء الله بهذه الأفعال، وأن اليهود زوروا كتاب الله وأسموه العهد القديم، كما قال تعالى: «فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ...» المائدة.
والثاني: أن الإعلام الصهيوني قام بتشويه معارك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع اليهود ونشرها ووصفها بالمذابح والهولوكوست، بينما الحقيقة أنهم هم الذين قاموا بأسوأ المذابح في التاريخ، ولكنهم أخفوها وصوروا أنفسهم على أنهم شعب مسكين ومضطهد، فجاءت حسنة هذا البرنامج بنصوص من التوراة ليفضحهم من كتابهم.