بقايا خيال: «شنغن»... «إش نحچي»؟
كثير من الكويتيين لهم استثمارات ضخمة في عدد من الدول الأوروبية، المعروفة اليوم بدول «الشنغن»، وهي استثمارات على هيئة عقارات أو شركات أو ودائع نقدية في البنوك الأوروبية منذ عقود من الزمن كان لها الأثر الإيجابي على اقتصادات هذه الدول الأوروبية، ناهيك عن الإنفاق السياحي من هؤلاء المستثمرين وعامة الخليجيين الذين يقضون معظم شهور الصيف في ربوع الدول «المتشنغنة» علينا.
الاستثمارات الخليجية، ولا أقحم معها استثمارات الآخرين من العرب، تقدر بعشرات المليارات من الدولارات يسيل لها لعاب أقوى الاقتصادات الأوروبية، ساهمت في استقرار دول الشنغن خلال الأزمات الاقتصادية السابقة، وكان آخرها أزمة الرهن العقاري العالمية ثم جائحة كوفيد 19، وهي أزمات كادت تعصف باستقرارها لولا الدعم الاستثماري الخليجي غير المباشر.
إلا أن بعض سفارات هذه الدول «الشنغينية» مازالت «ترَقِّص» أو تتلاعب بمصير مواطني دول الخليج، تارة بأسلوب العصا والجزرة وتارة بوعود إلغاء شرط الدخول بفيزا الشنغن، دون أن نرى في الأفق بادرة أمل ليس في إلغاء هذه الفيزا، بقدر الحاجة إلى تسهيل الحصول عليها.
فكثيراً ما يتحسس المراجعون إهمالاً واضحاً من قبل بعض سفارات دول الشنغن، والتي تعطل مصالح المسافرين دون قصد طبعاً ولكن لبرودة أعصابهم ودون تقدير ظروف الخليجيين الذين أنفقوا أموالاً طائلة في حجز تذاكر السفر والفنادق وتأجير السيارات منذ مدة غير قصيرة، ناهيك عمن حجز مواعيد مع أطباء لتلقي العلاج اللازم، ولا ندري إن كان بعض هذه السفارات يتعامل مع الخليجيين بأسلوب «أذن من طين وأذن من عجين»، أو أنه يتعذر بنقص الموظفين في السفارة، فطالما كان الخليجي بحاجة ماسة لفيزا الشنغن فعليهم التحمل، في الوقت الذي يسمح لمواطني دول الشنغن للحصول على فيزا في المطار دون مقابل لمدة شهر تمدد لأكثر من شهر.
أحد الأصدقاء يمتلك عقاراً في فرنسا منذ قرابة 35 سنة، وخلال هذه العقود الأربعة كان يصيف في فرنسا لفترة تزيد على الثلاثة شهور تقريباً كل عام، وتعوّد خلال هذه السنوات على التقدم للحصول على الفيزا بفترة تزيد على 3 أسابيع من موعد سفره من خلال شركة متخصصة لتسريع إجراءات الفيزا (خدمات الـVIP). هذه المرة عملية الموافقة تجاوزت موعد سفره برفقة عائلته دون أن تبتّ السفارة الفرنسية في أمر منح الفيزا لهذا المواطن حتى اليوم، الأمر الذي تسبب في دفع مبالغ كبيرة لتغيير موعد السفر له ولأسرته، الغريب أن الشركة التي وعدت بتسريع إجراءات الحصول على الفيزا تسلمت مستحقاتها كاملة، ورغم ذلك لا ترد على اتصالات المتقدمين لطلب فيزا الشنغن، على الأقل لمعرفة أسباب التأخير.
أمر آخر في غاية الأهمية وهو موضوع حجز جواز السفر من قبل السفارة، والذي يعد في نظري سلوكاً أوروبياً غريباً بعض الشيء، إذ بإمكان السفارة أن تتسلم صورة لجواز السفر الخاص بالمراجع، ومتى ما جاء الرد بالموافقة على الفيزا يتجه صاحب الطلب إلى السفارة ويسلمهم جواز سفره لتثبيت ملصق الموافقة أو الفيزا بالجواز، هذا ما يجب أن يعمل به، أما أن يتم حجز الجواز لفترة قاربت أربعة أسابيع، فتسبب هذا الحجز بإعاقة مصالح المراجع ومنعه من أن يغير وجهة سفره، فهذا ما لم أستطع فهمه، وطوال السنوات الماضية كنت أعتقد أن الأوروبيين يضعون مصالحهم الاقتصادية ضمن الأولويات أكثر من «ربعنا»، لكن يبدو أن العكس هو الصحيح، وأرجو أن أكون مخطئاً.