يطمح منتخب السنغال إلى رد الاعتبار لكرة القدم الإفريقية أمام منتخب إنكلترا، حينما يلتقي معه اليوم في استاد «البيت» بدور الـ16 لنهائيات كأس العالم المقامة حاليا في قطر.

ومازالت جماهير القارة السمراء تتذكر فوز منتخب إنكلترا 3-2 على منتخب الكاميرون - بعد اللجوء للوقت الإضافي- بدور الثمانية في نسخة مونديال إيطاليا عام 1990، ليحرم منتخب «الأسود غير المروضة» من أن يصبح أول منتخب إفريقي يصعد للدور قبل النهائي في كأس العالم.

ويأمل المنتخب السنغالي أن يذيق نظيره الإنكليزي من نفس الكأس، التي تجرع منها منتخب الكاميرون، وأن يطيح به من البطولة رغم تصدره قائمة الترشيحات للتتويج باللقب.
Ad


ولن يكون الأمر سهلا لفريق المدرب المحلي أليو سيسيه بطبيعة الحال، في ظل الأداء المبهر الذي قدمه منتخب إنكلترا خلال مشواره بدور المجموعات في مونديال قطر.

أقوى خط هجوم

وتأهل منتخب إنكلترا، الساعي للفوز بكأس العالم للمرة الثانية بعدما توج بها عندما استضاف المسابقة على ملاعبه عام 1966، للأدوار الإقصائية عقب تصدره ترتيب مجموعته برصيد 7 نقاط، حيث حقق انتصارين وتعادلا وحيدا، ليصبح صاحب الرصيد الأعلى من النقاط في الدور الأول بالاشتراك مع منتخبي هولندا والمغرب، اللذين حققا الرصيد ذاته في مجموعتيهما، من إجمالي 32 منتخبا شارك في مرحلة المجموعات.

واستهل منتخب إنكلترا مشواره في المجموعة الثانية بانتصار كاسح 6-2 على منتخب إيران في الجولة الأولى، قبل أن يكتفي بالتعادل بدون أهداف مع منتخب الولايات المتحدة بالجولة الثانية، لكنه كشر عن أنيابه من جديد وفاز 3 - صفر على جاره منتخب ويلز في ختام لقاءاته بالمجموعة.

ويمتلك المنتخب الإنكليزي أقوى خط هجوم في البطولة حاليا بالاشتراك مع منتخب إسبانيا، حيث كانا المنتخبين الأكثر تسجيلا في الدور الأول برصيد 9 أهداف. ويعاني غاريث ساوثغيت، المدير الفني لمنتخب إنكلترا، الذي قاده لحصد المركز الرابع في نسخة المسابقة الماضية بروسيا عام 2018، من حيرة لاختيار تشكيلته الأساسية للمباراة، في ظل وفرة الجاهزين، خاصة في خط الهجوم. وتألق ماركوس راشفورد وفيل فودين في قيادة هجوم الفريق أمام ويلز، حيث أحرز الأول هدفين فيما اكتفى الثاني بتسجيل هدف وحيد، علما بأنهما كانا بديلين في بداية البطولة للثنائي بوكايو ساكا ورحيم ستيرلينغ.

كما يضم المنتخب الإنكليزي في صفوفه هاري كين، هداف مونديال روسيا برصيد 6 أهداف، الذي مازال يبحث عن افتتاح رصيده التهديفي في النسخة الحالية للبطولة، بالإضافة إلى النجم الشاب جود بيلينغهام وجاك غريليش وماسون مونت.

حلم الانتصار

في المقابل، صعد منتخب السنغال، الذي خاض البطولة بدون نجمه المصاب ساديو ماني، جناح فريق بايرن ميونيخ الألماني، لدور الـ 16 للمرة الثانية في تاريخه بكأس العالم، بعدما نال وصافة مجموعته بدور المجموعات، برصيد 6 نقاط من انتصارين وخسارة وحيدة، ليمحو الصورة الباهتة التي بدا عليها في المونديال الماضي.

وخسر منتخب السنغال أولى لقاءاته في المجموعة الأولى صفر- 2 أمام هولندا، لكنه استعاد عافيته من جديد في الجولة الثانية، التي تغلب خلالها 3-1 على منتخب قطر، قبل أن يفوز 2-1 على الإكوادور في لقائه الأخير بالمجموعة.

ويحلم منتخب السنغال، الذي توج بكأس الأمم الإفريقية لأول مرة في تاريخه مطلع العام الحالي، بإقصاء نظيره الإنكليزي من المونديال، والصعود لدور الثمانية في البطولة، ليكرر الإنجاز الذي حققه في نسخة المسابقة عام 2002.

ويدرك سيسيه أنه يتعين على فريقه الاستعداد لنوع مختلف من المواجهات في دور الـ 16، وفي اللقاء الأول الذي يجمع بين المنتخبين، يرغب منتخب السنغال في أن يصبح أول فريق إفريقي يتغلب على إنكلترا بكأس العالم.
وسبق للمنتخب الإنكليزي أن التقى مع المنتخبات الإفريقية في 7 مواجهات بالمونديال، حيث حقق خلالها 4 انتصارات وتعادل سلبيا في 3 مباريات.

راشفورد بأفضل مستوياته

سلك مهاجم منتخب إنكلترا ماركوس راشفورد طريقاً طويلاً وصعباً في بعض الأحيان لاستعادة الثقة بنفسه، والتي بدت محطمة، لاسيما بعد أن كان أحد ثلاثة لاعبين أضاعوا ركلة ترجيحية تسببت في خسارة إنكلترا نهائي كأس أوروبا صيف 2021 ضد إيطاليا.

بعد إخفاقه في ركلته الترجيحية، عاش راشفورد موسماً صعباً في صفوف مانشستر يونايتد، خاض فيه 13 مباراة في الدوري الإنكليزي الممتاز، وسجل 4 أهداف فقط، قبل أن يستعيد مستواه في الأشهر الأخيرة.

انتزع مركزه في التشكيلة الرسمية لمنتخب «الأسود الثلاثة»، بعد غيابه منذ إهداره ركلة الجزاء في نهائي البطولة القارية قبل 16 شهراً.

وقد استفاد المنتخب الإنكليزي بأفضل طريقة ممكنة من الحالة النفسية الرائعة التي يعيشها راشفورد حالياً، وذلك خلال مباراة فريقه ضد ويلز، بتسجيله هدفين، أضافهما إلى هدف في مرمى إيران سجله بعد 48 ثانية من نزوله احتياطياً، ليتساوى في صدارة ترتيب الهدافين برصيد 3 أهداف.

ولاشك في أن راشفورد، الذي شارك أساسياً للمرة الأولى في المونديال ضد ويلز، سجل نقاطاً، ليخوض مباراة الدور ثُمن النهائي ضد السنغال من البداية. يبقى أن يقود راشفورد منتخب بلاده إلى الكأس المرموقة، ليمحي آثار الركلة المهدرة أمام إيطاليا، ويرسخ اسمه في تاريخ الكرة الإنكليزية.

ميندي... حارس عرين «أسود تيرانغا»
استعاد إدوار ميندي عافيته في حراسة المرمى، الأمر الذي لعب دوراً أساسياً في تأهل السنغال لدور الـ 16 من مونديال قطر 2022، عقب فوزها المثير على الاكوادور 2-1، وسيكون حضوره القوي أساسيا في محاولات «أسود تيرانغا» بلوغ ربع نهائي كأس العالم للمرة الثانية في تاريخهم عندما يلتقون إنكلترا القوية الأحد.

كانت قفزته الهائلة من مسافة قريبة أمام القطري إسماعيل محمد، احدى أجمل محطات البطولة حيث حمى عرين فريقه.

«دودو» ميندي، كما كان يطلق عليه عندما كان حارس المرمى رقم 3 في مرسيليا الفرنسي، أثار بعض الشكوك ضد هولندا (2-0)، حيث غاب عن دقته الملحوظة في المباراة الافتتاحية.

لم يكن لدى المدرب أليو سيسيه أي شك في صفات حارسه المخضرم البالغ 30 عاماً، والذي كان يعلم أيضا أنه بعد بداية متفاوتة للموسم، كان أمام حارس فريقه «الكثير ليثبته، لكنه رجل التحدي».

وواجه ميندي، الفائز بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2021، فضلا عن الدور الحاسم الذي لعبه في أول لقب في كأس افريقيا فازت به السنغال في عام 2022، بالفعل بداية صعبة لموسم 2022-2023 مع ناديه تشلسي الانكليزي، اثر الهدف الذي تلقاه في أغسطس، بعد مراوغة فاشلة ضد برندن آرونسون والتي عجلت بهزيمة الـ «بلوز» الثقيلة امام ليدز (3-0).

ثم تعرّض لإصابة في الركبة في سبتمبر، وعند عودته أبقى المدرب الجديد غراهام بوتر الاسباني كيبا أريسابالاغا في المرمى. لكن الحارس الإسباني أصيب بدوره ضد برايتون ليعود مندي، علما ان تقارير صحافية تشير في الأيام الأخيرة إلى رغبة يوفنتوس الإيطالي بضمّه.

وجد حارس المرمى السنغالي مكانه، لكنه افتقد للبروز المعتاد، حيث غابت التصديات المذهلة التي اعتاد عليها المشجعون، وصولا الى ادائه خلال المباراة التي امام هولندا، لكن مع تأهل السنغال لمواجهة إنكلترا الأحد في ثمن النهائي، بات ميندي قادرا على القول انه لم ينته بعد.


شخصية مختلفة لماغواير

بعدما بات مهمشاً في صفوف مانشستر يونايتد، نتيجة أخطاء متكررة جعلت منه محط سخرية كثر ممن شمتوا أيضاً بإدارة النادي، التي وضعته على رأس ترتيب أغلى مدافعي العالم في 2019، ظهر هاري ماغواير في مونديال قطر بشخصية مختلفة تماماً عما هو عليه مع «الشياطين الحمر»، وساهم بشكل أساسي في قيادة منتخب بلاده إلى ثُمن النهائي.

يدخل فريق المدرب غاريث ساوثغيت مواجهة اليوم وهو يعوِّل على ماغواير كي يكون صمام الأمام، كما فعل في المباريات الثلاث الأولى التي تلقى فيها «الأسود الثلاثة» هدفين فقط، وجاءا في الفوز الساحق على إيران 6-2.

شكك كثر بقرار ساوثغيت ضم ماغواير إلى تشكيلة المونديال القطري، لاسيما أنه بات خارج حسابات المدرب الجديد ليونايتد الهولندي إريك تن هاغ وعن وجه حق، بعد سلسلة الأخطاء التي ارتكبها منذ بداية الموسم. ولعب ابن الـ 29 عاماً أساسياً في خمس فقط من مباريات يونايتد لهذا الموسم في جميع المسابقات بسبب أدائه السيئ، الذي انسحب أيضاً على مبارياته هذا العام مع المنتخب الوطني.

وإلى جانب الإساءات التي تعرض لها من جمهور يونايتد، وجد ماغواير نفسه عرضة للانتقادات من مشجعي المنتخب الوطني، بعد سلسلة من المباريات المخيبة، لدرجة أنه وجهت له صفارات الاستهجان قبيل مباراة ودية ضد ساحل العاج في مارس وقبيل المواجهة ضد ألمانيا في سبتمبر بدوري الأمم الأوروبية.