خطاب المكاشفة والأمر الأميري
في 14/ 4/ 2024 كتبت مقالاً تحت عنوان «السادة أعضاء الأمة والوزراء: جيبوها للبر» حول ضرورة الامتثال لتوجيهات سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، لما وصلت إليه الحالة السياسية العامة التي رمت بظلالها على معظم مسارات الحياة العامة، وأن الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، والآمال التي نعقدها على المجلس والحكومة أضحت أحلاماً.
المشهد حينذاك اتصف بالمراهقة السياسية، إلى أن جاء خطاب سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، في العاشر من مايو 2024 الذي شخص فيه مبررات حل مجلس الأمة، ومن ثم تبعه الأمر الأميري بتنقيح الدستور، ووقف العمل ببعض مواده، لمدة لا تزيد على أربع سنوات لحين إقرار دستور جديد للبلاد يقوم على تقويم الممارسة الديموقراطية، ويتجاوب مع آمالها وأصالتها سعياً لمستقبل ينعم فيه المواطن بمزيد من الرفاهية ويفيء عليهم بمزيد من الحرية المسؤولة والمساواة والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
لقد حرص سمو الأمير في خطابه عن بيان سعيه الدائم في توجيه السلطات إلى ضرورة تحمل أعبائها الوطنية والالتزام بنصوص الدستور، وإلى ضرورة التعاون والفصل فيما بينها، وعدم التغافل أو التقليل من تبعات أثرها على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدولة الكويت.
لذلك لاقى حل مجلس الأمة قبولاً واسعاً عند المواطنين، خصوصاً أنه جاء متزامناً مع الأمر الأميري بتشكيل لجنة من ذوي الخبرة والرأي خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيلها تعمل على تلافي العيوب التشريعية في دستور 62 تهدف إلى تعزيز الحكم الديموقراطي السليم للحفاظ على وحدة الوطن واستقراره، وتتفق مع روح شريعتنا الإسلامية الغراء وتقاليدنا العربية الكويتية الأصيلة لترفع مقترحاتها لسمو الأمير، بعد موافقة مجلس الوزراء، وعرضه على الناخبين للاستفتاء عليه أو على مجلس الأمة المقبل لإقراره خلال مدة لا تزيد على أربع سنوات من تاريخ إصدار هذا الأمر.
سمو الأمير حرص أيضاً على استمرارية مسيرة الديموقراطية والعمل بروحها، بحيث لا تتجاوز عملية التنقيح أربع سنوات، وقد تقل عن ذلك، كما هو واضح من السقف الزمني الذي حدده الأمر الأميري.
اتخاذ سموه هذه الخطوة التاريخية والمفصلية في حياة الكويت الديموقراطية يضع أبناء الكويت أمام استحقاق وطني يتطلب من الجميع الحكمة وعدم الالتفات إلى الإشاعات والحسابات الوهمية التي تهدف إلى التغرير بالشباب وإثارة الفتن.
التطلعات والاستحقاقات التي يتطلع إليها سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح والشعب الكويتي أصبحت أمانة في عنق رئيس الوزراء الشيخ أحمد العبدالله والسادة الوزراء، بحيث لم يعد هناك مكان للتقصير أو التراخي بعد انتفاء كل المعوقات التي كان يسوق لها في السابق.
مرحلة البناء تتطلب بذل المزيد من الجهد والعمل الجاد والشفافية، فقطار التنمية قد توقف لبعض الوقت لكن بتوجيهات ومتابعة ومراقبة سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد وبرجالها ونسائها المخلصين قادرون إن شاء الله على تجاوز تلك الفترة والانطلاق إلى آفاق جديدة، تحمل معها حلولاً جذرية للمشاكل التي عانتها الكويت ضمن برنامج عمل محدد الغايات والأهداف، تستثمر في الموارد المالية والطاقات البشرية، وتطبق فيه مسطرة العدل وتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن الواحد.
الالتفاف حول سمو الأمير في هذه المرحلة واجب وطني على الجميع إثباته بالعمل الجاد والمخلص، وأن نضع ثقتنا، بعد الله، بالإجراءات التي اتخذها سموه.
أخيراً، حفظ الله الكويت وأميرها وولي عهدها وشعبها من كل مكروه.
ودمتم سالمين.