كان بعض أعضاء المجلسين السابقين وغيرهم يرفعون شعار تعديل قانون المطبوعات والنشر لمزيد من الحريات، وأشاعوا أننا في الكويت نعاني تكميم الأفواه، بينما كنت أردد في مقالات ومقابلات كثيرة أننا في الكويت ننعم بحريّات كبيرة ونناقش برزانة ومسؤولية جميع أمور بلادنا في الصحف والدواوين وفي وسائل التواصل، من دون خوف أو قيد، علماً بأن جميع الدول توجد بها ضوابط للحريات نابعة من أسس معيّنة تراها.
كما كنت أؤكد أن المسائل المحظور نشرها في القانون الحالي (3 لسنة 2006) محدودة وتتفق مع الشريعة الإسلامية والمصلحة العامة، مثل منع التعرّض بأي نقد لأمير البلاد (المادة 20)، وكذلك المساس بالذات الإلهية والقرآن والأنبياء والصحابة (المادة 19)، وكان هؤلاء الأعضاء يتفقون على الإبقاء على هاتين المادتين، لذلك انصرفت مطالبهم إلى تعديل المادة 21 وفقراتها الخاصة بتحقير وازدراء الدستور، وخدش الآداب العامة، وإهانة وتحقير رجال القضاء، والتأثير على العملة الوطنية، وبعض المواد المتعلقة بكرامة المواطنين، علماً بأن القانون لم يرتب إلا الغرامة البسيطة على مخالفة هذه المواد.
ووافق المجلس على تلك التعديلات، ولكن تم ردها بمرسوم أميري وفق المادة 66 من الدستور، ولم تصدر.
وأثناء متابعتي لهذا الموضوع، تبيّن أن السلطة القضائية لم توافق على إلغاء المادة الخاصة بالقضاء، لكي لا يكون رجال القضاء والأحكام القضائية عرضة للتشويه والاتهام، علماً بأن الطعن القانوني مكفول، وكذلك لم يوافق البنك المركزي على إلغاء مادة التأثير على العملة الوطنية، كما لم توافق وزارة الإعلام على إلغاء المواد الخاصة بخدش الآداب العامة والمساس بكرامة المواطنين.
ورغم عدم نجاح التعديلات، فإنّ طرح المطالب التي تخالف القانون، وتصوير القانون على أنه مقيد ومكمم للحريات انطلى على بعض الشباب، فوقع بعضهم في مخالفات قانونية، فصدرت عليهم - مع الأسف - أحكام بسبب هذا التحريض على القانون، أو بسبب الجهل بأحكامه، علماً بأن القانون يمثّل إرادة الأمة، ويجب أن يُحترم إلى أن يتم تغييره بإرادة الأمة أيضاً.
وبحُكم متابعتي لهذا الموضوع منذ مجلس 1985، عندما قمت بإضافة مادة الذات الإلهية والأنبياء والصحابة إلى القانون، ومساهمتي في القانون الحالي الذي ترأس صياغته د. أنس الرشيد، أشهد أن القانون وُضع بدقة وبهدف حماية أسس وثوابت الكويت وحصانة لنظامها من العبث والفوضى وحماية لكرامة المواطنين، مع إجازة القانون للنقد الهادف الرزين، وليت الذين وقعوا في المخالفات القانونية قرأوا القانون برويّة وعدالة واطّلعوا على ما كتبته أنا وغيري في بيان أهمية مواده وموافقتها للشريعة وانتبهوا إلى خطورة الفوضى التي تشيعها الوسائل الوهمية، وليتهم لم يصغوا إلى المحرّضين والجهلة.