وسط تصاعد الخلافات العلنية بين القيادات السياسية والعسكرية في الدولة العبرية بشأن التعامل مع المنطقة الفلسطينية المنكوبة، ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية، أمس، لـ «هيئة البث الرسمية» أن الجيش يعتزم البدء في المرحلة الثالثة من الحرب التي يشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، التي تتضمن تخفيف العمليات العسكرية، والتحول إلى عمليات محدودة.

وأوضحت الهيئة أن المرحلة الثالثة ستبدأ خلال أيام، بعدما ينهي الجيش عملياته في مدينة رفح جنوب القطاع بالقرب من الحدود المصرية.

Ad

وأضافت أن هناك «استعدادات داخل الجيش للإعلان عن هزيمة الجناح العسكري لحماس، وإمكانية توسيع المعركة ضد حزب الله» اللبناني.

وأوضحت: «مع انتهاء النشاط العسكري في رفح، سيواصل الجيش تنفيذ عملياته داخل القطاع الفلسطيني بطريقة مختلفة، فيما يعرف بالمرحلة (ج) من القتال».

طموح وضم

وفي وقت رأت أوساط عبرية أن خطة الجيش التي تقضي بوقف الحرب، التي تسببت في مقتل 37 ألفاً و551، بصورتها الحالية، ستمثل فشلاً في تحقيق أهداف الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل الذي يتمسك بالقضاء على «حماس» وتحرير المحتجزين بالقطاع، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن تصور من 4 نقاط لمرحلة ما بعد الحرب، تشمل «نزع السلاح بشكل مستدام»، وإدارة مدنية للقطاع، وتصحيح الأفكار التي وصفها بأنها «متطرفة ضد اليهود في المدارس والمساجد»، إلى جانب إعادة الإعمار.

وقال نتنياهو، في مقابلة أجراها مع موقع «Punchbowl News» في تل أبيب: «نزع السلاح لا يمكن أن يتم إلا من قبل إسرائيل ضد أي جهد إرهابي متجدد» ما يعني تمسكه بفرض احتلال عسكري دائم للقطاع، وهو ما سبق أن عارضه وزير الدفاع في وقت سابق.

وأضاف: «أعتقد أنه يجب أن تكون هناك إدارة مدنية، ليس لتنظيم توزيع المساعدات الإنسانية فحسب، بل من أجل تولي الإدارة المدنية في القطاع، وأرى أنه من الأفضل أن يتم ذلك برعاية ومساعدة الدول العربية».

ومع استمرار نتنياهو بتمسكه الطامح إلى إخضاع غزة وفصائلها المسلحة عسكرياً، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تسجيل لوزير المالية اليميني المتشدد بتسلئيل سموتريتش وهو يقول لأنصاره من المستوطنين، إن الحكومة منخرطة في جهود سرية لتغيير الطريقة التي تحكم فيها إسرائيل الضفة الغربية المحتلة.

واستشهدت الصحيفة الأميركية في تقرير نشرته أمس الأول بتصريحات سموتريتش وهو زعيم حزب «الصهيونية المتدينة» اليميني المتطرف أكد فيها أن نتنياهو يؤيد الخطة التي ستسمح للأول بـ «منع الضفة الغربية من أن تصبح جزءاً من أي مخطط لإقامة دولة فلسطينية إرهابية في قلب إسرائيل».

ووصف سموتريتش، الذي حصل على صلاحيات وزير بوزارة الدفاع، الخطة بأنها «أمر دراماتيكي ضخم سيغير الحمض النووي للنظام».

وأوضح خلال التسجيل الذي تم تسجيله في 9 الجاري وسربته منظمة السلام الآن الإسرائيلية، كيف سيقوم بنقل السلطة من العسكريين بالجيش الإسرائيلي إلى المدنيين تحت سلطته في وزارة الدفاع من أجل صرف الانتباه الدولي ومنع حدوث ضجة دولية ضد «ضم المنطقة المحتلة» إلى إسرائيل، وهو ما سيسمح بإنشاء مستوطنات يهودية على الأراضي الفلسطينية دون معارضة من قيادات الجيش.

وفي محاولة على ما يبدو لتدارك ما قد تحدثه التصريحات من توتر مع شركاء إسرائيل الدوليين الداعمين لخطط انهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني عبر «حل الدولتين»، سارع مكتب نتنياهو إلى تأكيد أن «الوضع النهائي لهذه المناطق سيتم تحديده من قبل الطرفين في مفاوضات مباشرة. هذه السياسة لم تتغير».

وعشية بدء وزير الدفاع الإسرائيلي زيارة مهمة لواشنطن تستمر 3 أيام لمناقشة رأب الصدع الذي أحدثته انتقادات نتنياهو لما وصفه بـ «عرقلة» إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن تسليح الدولة العبرية، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بوجود مشكلات مع البيت الأبيض بسبب القيود التي فرضها الأخير على شحنات الأسلحة الموجهة لإسرائيل، مشدداً على «أنه حاول حل المشكلة بشكل خاص لعدة أشهر دون جدوى».

وتأتي زيارة غالانت المرتقبة وسط إحباط بإدارة بايدن من انتقادات نتنياهو، وبعد أن قدم نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية - الفلسطينية، أندرو ميلر، استقالته احتجاجاً على انحياز «البيت الأبيض» لإسرائيل في الحرب، ليصبح أكبر مسؤول أميركي يترك وظيفته منذ اندلاع الحرب قبل 8 أشهر.

جهود وتمسّك

في المقابل، جدد رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية تأكيد الحركة أنها «منفتحة على التعاطي مع أي ورقة أو مبادرة تؤمّن أسس موقف المقاومة الفلسطينية في مفاوضات إنهاء الحرب»، متهماً الاحتلال الإسرائيلي بـ «نصب فخ سياسي بفرض شروط محددة ترفضها المقاومة».

وأضاف هنية، في كلمة، أن مطالب الحركة محددة وهي «وقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل، والإعمار، وتبادل الأسرى، والإغاثة لشعبنا وإنهاء كل ما يتعلق بالحصار».

واتهم هنية، الولايات المتحدة وحلفاءها بـ «إدارة الحرب إلى جانب إسرائيل».

في هذه الأثناء، تحدث رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن، عن آخر المستجدات بشأن جهود الوساطة التي تقوم بها الدوحة من أجل التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، قائلاً إنه كان هناك تقدّم بعد رد «حماس» على مقترح الرئيس الأميركي بشأن القطاع.

قتلى واغتيال

ميدانياً، كثفت القوات الإسرائيلية قصفها الجوي والبري والبحري لعموم مناطق القطاع، وخاصة بمدينة رفح مع دخول الحرب يومها الـ 260، مما تسبب في مقتل 100 فلسطيني وإصابة العشرات خلال الساعات الـ24 الماضية.

وتحدثت تقارير إسرائيلية عن نجاح الجيش في اغتيال العضو الرابع بالمجلس العسكري لـ «حماس»، رائد سعد، بضربة جوية وسط القطاع، فيما أقرت سلطات الاحتلال بمقتل جنديين وإصابة 3 بجروح خطيرة بعد تعرضهم لقذائف هاون على محور نتسريم، وقالت إن صاروخين أطلقا من رفح سقطا في منطقة مفتوحة بمستوطنات غلاف غزة.

في الضفة الغربية، قتل إسرائيلي خلال وجوده بمركبته في قلقيلية، حيث شن الجيش الإسرائيلي حملة مداهمات واسعة لملاحقة منفذي الهجوم.

على الصعيد الدولي، أعلنت كوبا أنها ستنضم إلى القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا لاتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة أمام محكمة العدل الدولية.