إدارة الاقتصاد الكلي في وزارة المالية تنكمش مجدداً
دورها إعداد السياسات الاقتصادية والتنسيق مع الجهات المحلية والدولية المختصة
• دراسة لإلحاق تبعيتها بإدارة الميزانيات بعد أن كانت تابعة للوزير مباشرة
عادت إدارة الاقتصاد الكلي والسياسة المالية، التابعة لوزارة المالية، إلى الانكماش وتقليص دورها مجدداً، بعد فترة تفعيلها عقب جائحة كورونا، والتي ساهمت في تعزيز التنسيق بمختلف القضايا الاقتصادية على صعيد القرارات المالية المهمة للدولة مع مختلف جهاتها وإعادة العلاقة مع الجهات الاقتصادية المحلية والدولية.
وقالت المصادر، لـ«الجريدة»، إن الإدارة الحالية، التي أُسست عام 2009 ولم يفعّل نشاطها إلا بعد جائحة كورونا، باتت حالياً بلا مدير ولا فريق تنفيذي، كما باتت الملفات المسؤولة عنها، خصوصاً فيما يتعلق برسم السياسات الاقتصادية وإبداء الرأي الفني والاقتصادي، تتخذ مباشرة من الوزارة أو تحال إلى جهات غير ذات اختصاص، حيث تتجه وزارة المالية إلى إلحاقها بإدارة الميزانيات بعد أن كانت تابعة لمكتب الوزير مباشرة.
وبينت أن تلك الإدارة، التي أسست في إطار اتفاقية التعاون مع صندوق النقد الدولي، والتي تمثل دورها في مراجعة تطورات القطاعات الاقتصادية المحلية المختلفة، ووضع التوقعات الاقتصادية الرئيسية على المديين القصير والمتوسط، مارست خلال السنوات الأخيرة جزءاً من دورها بالتنبؤ بالمصروفات والإيرادات، والمساهمة في رسم أغلب الإصلاحات الاقتصادية والمساعدة في برنامج عمل الحكومة.
تنسيق دولي
وتابعت المصادر: «لم ينحصر دور الإدارة فقط عند هذا الحد، بل امتد إلى التنسيق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والذين أشادوا بدور الإدارة وبوجودها في الوزارة، مؤكدين أن عدم إعطائها صلاحيات أكبر قد يعد خطأ فنياً».
وتعزز دور الإدارة خلال الأعوام الأربعة الماضية، حيث قامت بالاجتماع مع المستشارين العالميين ومناقشة الخطط المطروحة والاقتصاد الكلي والمالية العامة للدولة وآخر مستجدات الإصلاح المالي، والتصنيف للدولة، مما ساهم في تحسين صورة الكويت الخارجية بشكل كبير في القيام بإصلاحات للميزانية.
وأوضحت أن تقليص دور الإدارة الاستشاري له انعكاسات سلبية أهمها إضاعة بوصلة المالية في الدولة، فهي معنية بالتنبؤ وإعطاء رأي اقتصادي في أغلب القضايا المالية المهمة في الدولة، ومنها ترشيد المصروفات، وتوضيح المخصصات المطلوبة لبنود الميزانية، والمبالغ المرصودة لكل جهة، والأموال المصروفة، إضافة إلى إبداء الرأي الفني والاقتصادي بالتضخم.
أُسست عام 2009 ولم يفعل نشاطها إلا بعد جائحة كورونا... وحالياً بلا مدير ولا فريق تنفيذي
وأشارت إلى أن الاهتمام بالإدارة عقب جائحة كورونا انعكس بالإيجاب على الحالة المالية للدولة، وهو ما شهدته الدولة في محاربة التضخم خلال السنوات القليلة الماضية، وإدخالها للمساهمة في برنامج عمل الحكومة وفي الإصلاحات الاقتصادية، وتقديم الاستشارات الاقتصادية والاتفاقيات وصياغتها الأولية في المشاريع المهمة للدولة والدراسات الخاصة بالتطوير لتلك المشاريع.
فكر اقتصاديوعن أبرز السلبيات في انكماش دور الإدارة، ذكرت المصادر أن جميع القرارات المالية لن تكون مرشدة في موضوع الاقتصاد الكلي، والأثر الاقتصادي للقرارات المالية العامة، مبينة أن المالية العامة يجب أن توجه من خلال فكر اقتصادي وتوجه الدولة الاقتصادي، فإذا لم يكن هناك توجه ولم تكن هناك إدارة تضبط البوصلة الاقتصادية في وزارة المالية فإن القرارات المالية العامة ستكون عشوائية، حتى وإن كانت جيدة فلن تكون منضبطة ومتناسقة.
وشددت على أهمية الانسجام بين القرارات الخاصة بالميزانية العامة للدولة، ضاربة مثالاً بقرار تقليص المصروفات، فليس من المعقول إصدار قرار بتقليصها وفي ذات الوقت إصدار قرار يتعلق بزيادة المصروفات من جهة أخرى، ومن هنا يبرز دور الإدارة في ضبط الانسجام والإيقاع في القرارات الشبيهة لهذا الشأن وإعادة ضبط البوصلة في القرارات.
وساهمت الإدارة في التنبؤ والتنبيه بالانعكاسات الإيجابية والسلبية لكثير من القرارات التي أصدرتها وزارة المالية، أو التي كانت تعتزم إقرارها، ومنها رفع أسعار البنزين فجأة ودون تدرج، والذي كان قراراً سيصدر من الوزارة إلا أن رأي الإدارة خالف الرفع ونبه على أن القضية وإن كان بها تقليص للمصروفات لكن فيها زيادة للتضخم، حيث نبهت أنه وإن كان ظاهرها تقليصاً للمصروفات إلا أن هذا القرار سيشعل التضخم في الدولة إلى مستويات عالية، وبالتالي ستضر الاقتصاد.
تقديرات الميزانيةيذكر أن وزارة المالية حددت مهام الإدارة لتشمل أيضاً وضع السياسة المالية وإعداد تقديرات الميزانية وتحليل تأثر السياسة المالية قصيرة الأجل بفعل التطورات الاقتصادية ودراسة أسباب الاختلاف بين المنظور المالي المتوسط المدى وأهدافه والميزانية المعتمدة، وبتطوير وصيانة قاعدة بيانات خاصة بوزارة المالية والاستفادة من البيانات الاقتصادية الصادرة عن الجهات المهتمة بالتحليل الاقتصادي الكلي، مثل بنك الكويت المركزي والادارة المركزية للإحصاء والبنوك التجارية والاستثمارية والمنظمات المالية الدولية.
وتتنبأ الإدارة بالمصروفات والإيرادات على المديين القصير والمتوسط بشكل إجمالي على مستوى الأبواب والمجموعات بالميزانية، مع مراعاة أثر تغير معدل التضخم وخطط التوظيف، وما يصدر من قرارات أو قوانين تؤثر على معدلات الإنفاق، ومهام الإدارة أيضاً تقييم السياسة المالية الحالية واقتراح سياسة بديلة لترشيد المصروفات وتنمية الإيرادات العامة على المدى المتوسط، بالتنسيق مع القطاعات والإدارات المعنية وإعداد تقارير دورية عن الأوضاع الاقتصادية وتطورها وبدائل السياسات المالية والتنبؤ بالمصروفات والإيرادات.