على الرغم من أن خمسة أيام فقط تفصل الجميع عن نهاية الحملات الانتخابية الرئاسية المبكرة في إيران، فشل الأصوليون في حسم أمرهم للاصطفاف خلف مرشح واحد، حيث ينتمي خمسة من أصل ستة من المرشحين للتيار الأصولي الواسع، وأبرزهم رئيس البرلمان محمد قاليباف، وممثل الجناح المتشدد سعيد جليلي، مقابل مرشح إصلاحي واحد هو مسعود بزشكيان.

وأثار تخبط بزشكيان في مخاطبة الجمهور خلال المناظرتين الثانية والثالثة، اللتين أجريتا الخميس والجمعة، وتحفظ قاليباف عن الدخول في أي جدل مع باقي المرشحين، ردود فعل غاضبة لدى الناخبين، خصوصاً أن أيا من المرشحين الستة لم يعرض أي برنامج شامل لحل مشاكل البلاد، واكتفى الجميع بطرح المشاكل التي تواجهها البلاد والتعليق عليها، وهو ما استدعى انتقاداً من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي قال أمس إن طرح سلبيات النظام يسعد الأعداء.

Ad

كلمة خامنئي جاءت بعد أن انتشرت في وسائل الإعلام الاجتماعي الإيرانية انتقادات لحديث المرشحين بكل أريحية عن الأزمات الخطيرة التي تواجهها البلاد في وقت كانوا صامتين في الفترات السابقة.

الشعب مقصر

وقال بعض المعلقين إن المرشحين الذين تولوا جميعهم مناصب عامة، وعملوا في الشأن العام، زايدوا على المواطنين العاديين بتبرئهم من قضايا مثل فرض الحجاب بالقوة وحجب الإنترنت وانهيار سعر العملة وتردي الوضع الاقتصادي ومشاكل إيران مع دول الجوار والعالم، وقال بعضهم إنه تبين أن «المسؤولين هم في المعارضة والشعب مقصر في تولي مسؤولياتهم لحل هذه الأزمات».

قانون الحجاب

في غضون ذلك، كشف مصدر مسؤول في مكتب خامنئي أن جميع الاستطلاعات والإحصاءات التي وصلت إلى مكتب المرشد تؤكد أن ما يصل إلى 50 بالمئة من الناخبين لم يقتنعوا بكلام المرشحين، وبضرورة المشاركة في الاقتراع، وقال 45 بالمئة انهم سيشاركون، وفقط 5 بالمئة لا يزالون مترددين حول موقفهم.

وبحسب المصدر لم يتمكن الإصلاحي بزشكيان من جذب بعض شرائح الإصلاحيين، خصوصا الشباب، إلى جانب الناخبين الرماديين للتصويت له، رغم أن شخصيات إصلاحية ذات وزن وضعت ثقلها في دعمه.

ولربما أهم ما حدث في المناظرة الثالثة كان كلام المرشح المعتدل مصطفى بور محمدي الصريح بأنه سيسحب قانون الحجاب الذي قدمته حكومة الرئيس الأصولي الراحل إبراهيم رئيسي من التداول بالبرلمان في حال فوزه بالمنصب.

وامتنع بزشكيان، الذي كان متوقعا أن يقوم بتصريحات نارية في هذا الشأن، عن الادلاء بأي تصريح يمكن أن يؤدي إلى خسارته مصداقيته أمام مجلس صيانة الدستور. وتحول خطاب دعم لبزشكيان، ألقاه محمد جواد ظريف، وزير الخارجية السابق في مدينة كاشان، وسط إيران، إلى صدام بين أنصار الإصلاحيين والأصوليين.

وأظهرت أرقام أن قاليباف، الأقوى لدى الأصوليين، بدأ يخسر قسما من شعبيته لصالح جليلي حتى بدا أن الرجلين متعادلان، وهو ما يصعب الأمر بالنسبة للأصوليين لإقناع أحدهما بالانسحاب. وقال المصدر إن أنصار جليلي متحزبون له بشكل كبير، ومن الممكن ألا يصوتوا لقاليباف في حال انسحب جليلي من السباق، لكن العكس صحيح بالنسبة لأنصار قاليباف، لكن المشكلة في اختيار جليلي أنه سيحول السباق الى معركة بين المتشددين والمعتدلين، وستدعم قطاعات واسعة من الوسطيين بزشكيان.

ولا يحتاج الأمر إلى محلل، ويكفي فقط أن يتمشى الشخص في الشارع الإيراني قليلا كي يلاحظ أنه ليس هناك أي حماوة انتخابية، وهناك تخوف من قبل السلطات بأن نسبة الإقبال على التصويت يمكن أن تنخفض الى ما دون الأربعين بالمئة.

تقييد أحمدي نجاد

إلى ذلك، أكد مصدر مقرب من الرئيس السابق أحمدي نجاد أن القوات الأمنية فرضت بالفعل قيودا على تحركاته خلال الانتخابات. وكانت وسائل إعلام حكومية نقلت عن مصدر مقرب من أحمدي نجاد نفيه فرض إقامة جبرية على المرشح الرئاسي المستبعد للمرة الثانية من السباق الرئاسي.

وبحسب المصدر، أرجعت القوى الأمنية سبب تقييد حركة نجاد إلى أنها تملك معلومات عن مخطط مزعوم لاغتياله، بهدف إثارة الشارع الإيراني قبيل الانتخابات.