هوى «حماس» إيراني وليس عربياً
خُضت قبل سنوات نقاشاً حاداً ومتوتراً مع أحد الإخوان، عبَّرت فيه عن الخشية من ارتماء «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في أحضان النظام الإيراني، فردَّ عليَّ بحدة، بأن هذا كذب وادعاءات يُراد بها تشويه سُمعة الحركات الإسلامية، لكنه استدرك، معترفاً بأن إيران هي التي تمدهما بالسلاح والمال، فقلت له محذراً إن إيران ستُلقي بهما وبغزة إلى التهلكة، كما فعلت في العراق وسورية ولبنان واليمن، فقد دمَّرت مدنها، وهجّرت أهاليها، وحوَّلتها إلى دول فاشلة اقتصادياً وتعليمياً وعلمياً، لا تملك من استقلالها شيئاً غير عَلمٍ يرفرف تحت ذُل الهيمنة، ونشيد وطني يصدح من دون وطنية، وطبعاً صاحبنا لم يقتنع.
الآن غزة مُحتلة، ولم تعد كما كانت قبل 7/ 10/ 2023، فكل المساجد والمستشفيات والمدارس والجامعات والأبنية والبنية التحتية التي أقامتها تحديداً دول الخليج العربي، ومعها بعض الدول العربية والإسلامية، دُمرت وسُوّيت بالأرض. أما مئات الملايين الخليجية التي ضخت في حسابات «حماس» خصوصاً، فقد ضاعت هباءً، ولم ينفع غزة لا السلاح الإيراني، ولا التباكي على أرواح شهدائها، فجل ما صرَّح به قادة النظام أن فِعلة «حماس» و«الجهاد» في ذلك التاريخ كانت انتقاماً إيرانياً على مقتل المجرم قاسم سليماني.
دُمرت غزة، وتحوَّلت إلى أنقاض ينعق فيها البوم، أصبح مصيرها كمصير مدن عربية كثيرة رمى بها زعماؤها في أحضان نظام لم يُرد يوماً خيراً للعرب، ولم يكن تحرير القدس من أهدافه.
فهذا ما صرَّح به يحيى رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري، والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني علي خامنئي، فقد قال متباهياً وفاضحاً عملاءه: إن الإيرانيين وصلوا ثلاث مرات إلى البحر الأبيض المتوسط، مرتين في عهدَي الملكين الأخمينيين، قوروش الأول، وأحشويروش الأول، أما الآن فبواسطة حزب الله اللبناني. وأضاف موضحاً بكلام ذي مغزى أن بلاده ليس لديها أي نية «لفتح» البلدان الأخرى، وقال ذلك متفاخراً بالحضور الإيراني على البحر الأبيض والبحر الأحمر، وعلى باب المندب، وطبعاً مضيق هرمز.
وكشف من دون مواربة أن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مع الهوى الإيراني، وقريبان من أهدافه، رغم أنهما ينتميان للمذهب السني، كما قال، وزياراتهما المكوكية قبل وبعد الحرب تؤكد ذلك، فهما في هذه الحالة لا يختلفان بشيء عن الحوثيين، وكل الأحزاب الشيطانية في لبنان والعراق وغيرهما، وحتى «داعش»، فالجميع يدور في الفلك الإيراني، والجميع يأتمر بأمره، وهذه بالتأكيد خيانة لأمتنا التي ابتليت بهم.
تصريح صفوي يفرض على المخدوعين بتلك الأحزاب استيعاب عِظم المؤامرة على أمتنا العربية، فهناك تناغم وتلاقٍ بيِّن بين المصالح الأميركية الغربية الإسرائيلية مع المصالح الإيرانية، فلولا ذلك ما استطاعت إيران الوصول حتى إلى حدود العراق، فكيف بها تصل إلى حدود إسرائيل؟ فليثُب المخدوعون إلى رشدهم، فقد وصلت سكين المؤامرة والخيانة إلى رقابنا، وهم في غيهم يعمهون.