مع تصاعد التوتر على الحدود مع لبنان شمالاً مما ينذر بمواجهة إقليمية واسعة، وانسداد الخيارات الميدانية أمام الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة جنوباً، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت، إن الدولة العبرية مستعدة لخوض مواجهة عسكرية في غزة ولبنان في الوقت نفسه، فيما دافع الحكومة بنيامين نيتناهو عن شكواه العلنية من شح الإمدادات العسكرية الأميركية التي أثارت غضب إدارة جو بايدن وطيرت اجتماعاً أميركياً ـ إسرائيلياً مهماً حول إيران ولبنان.
ووصف غالانت زيارته، التي سيلتقي خلالها نظيره الأميركي لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وكبار المسؤولين في واشنطن بأنها «حاسمة بالنسبة لمستقبل الحرب والوضوع على جبهة غزة وعلى الجبهة اللبنانية».
وأضاف: «نحن مستعدون لأي إجراء قد يكون مطلوباً، سواء في غزة أو في لبنان أو في أماكن أخرى. إن الانتقال إلى المرحلة الثالثة في قطاع غزة له أهمية كبيرة».
وتابع: «سيتم التركيز في هذه الزيارة على عمليات تجهيز وإمداد إسرائيل بالعتاد والأسلحة، للحفاظ على تفوقها النوعي في الشرق الأوسط بالإضافة إلى تحقيق أهداف إسرائيل في الحرب في غزة وعلى الجبهة الشمالية مع حزب الله وإعادة المختطفين».
نتنياهو يبرر
جاء ذلك فيما سعى نتنياهو لتبرير شكواه العلنية، مما وصفه بـ«الانخفاض الدرامي الكبير في إمدادات الذخائر التي تصل من الولايات المتحدة»، وقال في تصريحات لوسائل إعلام إسرائيلية، إنه قرر التحدث علناً بهذا الأمر بعد أن فشلت مباحثاته بهذا الشأن في الغرف المغلقة مع الأميركيين.
وأضاف: «منذ حوالي 4 أشهر، بدأ انخفاض درامي كبير في إمدادات الذخائر التي وصلت من الولايات المتحدة إلى إسرائيل. وعلى مدى أسابيع طويلة، ناشدنا أصدقاءنا الأميركيين تسريع عمليات التسليم».
وتابع: «فعلنا هذا مراراً وتكراراً، على أعلى المستويات، وعلى جميع المستويات، وأريد أن أؤكد أننا فعلنا ذلك في الغرف المغلقة، وحصلنا على كل أنواع التبريرات، لكن أمراً واحداً لم نحصل عليه: لم يتغير الوضع الأساسي. وصلت بعض المواد بكميات شحيحة، لكن الكتلة الكبيرة من الذخائر تخلفت ولم تصلنا».
وتابع نتنياهو قائلاً: «بعد أشهر من عدم حدوث تغيير في هذا الوضع، قررت التعبير عنه علناً».
وأوضح أنه فعل ذلك انطلاقاً من «خبرته الطويلة»، وأنه كان يتوقع أن ذلك سيجر عليه «هجمات شخصية في الداخل والخارج، كما حدث عندما تحدثت ضد الاتفاق النووي مع إيران، وكما حدث ويحدث عندما عارضت مراراً وتكراراً إقامة دولة إرهابية فلسطينية، وكما يحدث الآن عندما أعارض إنهاء حرب غزة مع إبقاء حماس على حالها، لكنني على استعداد لاستيعاب الهجمات الشخصية ضدي من أجل أمن إسرائيل».
واختتم بالقول: «بصفتي رئيس وزراء إسرائيل، فإن وظيفتي هي أن أفعل كل شيء لضمان حصول مقاتلينا على أفضل الأسلحة».
خطاب الكونغرس
وفي ظل تزايد الخلافات بين إدارة الرئيس الديموقراطي ورئيس الائتلاف اليميني المتشدد الحاكم في الدولة العبرية، تتزايد مخاوف البيت الأبيض بشأن خطاب نتنياهو المرتقب أمام «الكونغرس»، والمقرر في يوليو المقبل، إذ يعتقد مسؤولون في واشنطن أن الأخير يُمكن أن يستغل الفرصة لانتقاد بايدن.
وبحسب تقرير لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية، ربما يخلق خطاب نتنياهو مشهداً معقداً على المستوى الدبلوماسي، ومحفوفاً بالمخاطر على المستوى السياسي، بالنسبة للرئيس الأميركي الذي يسعى لإعادة انتخابه.
انسداد
وتزامن تدني مستوى العلاقات بين الحليفين إلى أدنى مستوى منذ بدء حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي، مع تقدير مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بانسداد مسار التوصل إلى اتفاق لإقرار هدنة وتبادل المحتجزين مع «حماس» وفقاً للمقترح الذي طرحه بايدن وحظي بدعم مجلس الأمن أخيراً.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي فإنّ «الوسطاء غير قادرين على إيصال فكرة لحماس، مفادها بأنه لن تكون هناك صفقة أفضل من التي اقترحتها إسرائيل». وليل السبت ـ الأحد، شهدت مدن إسرائيلية تظاهرات وصفت بالأكبر منذ بدء الأزمة وكان أبرزها في تل أبيب حيث شارك عشرات آلاف الأشخاص للمطالبة بإعادة المخطوفين من غزة وإجراء انتخابات عامة مبكرة للاطاحة بنتنياهو.
تجنيد جديد
وإضافة إلى ضغط الشارع الإسرائيلي على نتنياهو أبرزت هيئة إذاعة الجيش تقريراً أشار إلى أن «حماس»، تستغل عدم وجود خطة استراتيجية إسرائيلية لاستبدال سيطرتها على القطاع، وتسعى إلى إعادة تأهيل قدرات جناحها العسكري عبر التركيز على برامج تدريب وتجنيد خاصة بالشباب البالغ من العمر 18 عاماً، لتعويض خسارتها نحو 14 ألف مقاتل قتلوا خلال المعارك بالإضافة إلى آلاف آخرين أصيبوا.
وحذر التقرير من أن جميع الوحدات وأطر «حماس» العسكرية تتعافى في جميع أنحاء القطاع وبشكل رئيسي في المناطق التي لا يعمل فيها الجيش شمال غزة وبخان يونس التي عدها مثالاً جيداً على عودة الحركة للحياة على المستوى العسكري والمدني.
غارات وقتلى
ميدانياً، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه على مدينتي غزة ورفح. وتواصل القتال بين عناصر حركتي «حماس» و«الجهاد» وقوات الجيش على عدة محاور بشمال ووسط وجنوب القطاع حيث وصلت دبابات إسرائيلية إلى منطقة المواصي التي تضم خيام النازحين شمال غربي مدينة رفح ما دفع المدنيين إلى النزوح باتجاه خانيونس. وأفادت السلطات الصحية بتسبب القصف على مدينة غزة في مقتل 60 خلال 24 ساعة.
ودمرت سلطات الاحتلال مئات المنازل غربي ووسط مدينة رفح الحدودية مع مصر، فيما أعلنت وكالة «أونروا»، أنّ الجيش الإسرائيلي قصف 69 في المئة من المدارس التي تؤوي نازحين في القطاع، ما ألحق بها أضراراً مباشرة.
انتهاكات الضفة
على صعيد آخر، أشار وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش، إلى أن «تحقيق نيويورك تايمز بشأن خطة سرية للسيطرة على الضفة الغربية لم يكشف أسراراً وكل ما أفعله واضح»، مؤكداً أنه «سأواصل عبر صلاحياتي تطوير الاستيطان في الضفة وتعزيز الأمن».
وشدد سموتريش على أنه «سأحارب بكل قوتي خطر إقامة دولة فلسطينية من أجل دولة إسرائيل ومواطنيها»، مؤكداً أن «جمهور إسرائيل بأغلبيته الساحقة يدرك جيداً أن إقامة دولة فلسطينية بالضفة من شأنه تعريض وجودنا للخطر».
من جهة ثانية، أقر الجيش الإسرائيلي بأن قواته انتهكت البروتوكول الخاص به بربط رجل فلسطيني جريح في مقدمة سيارة جيب عسكرية خلال مداهمة في مدينة جنين وقال إنه يجري تحقيقا بالواقعة، فيما اتهمت مقررة الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز سلطات الاحتلال باستخدام الفلسطيني «كدرع بشرية».