انتخابات فرنسا: حزب لوبن يتصدر ويَعِد باحترام الجميع

معسكر ماكرون ثالثاً وراء ائتلاف اليسار... ومطالبات باستقالة الرئيس في حال الهزيمة

نشر في 24-06-2024
آخر تحديث 23-06-2024 | 20:28
لوبن خلال جولة انتخابية في شمال فرنسا (أ ف ب)
لوبن خلال جولة انتخابية في شمال فرنسا (أ ف ب)
واصل اليمين المتطرف الفرنسي تقدمه في استطلاعات الرأي قبل انتخابات مبكرة دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون بعد هزيمته في الانتخابات الأوروبية، وحاول مرشح اليمين لرئاسة الحكومة تقديم خطاب تصالحي وسطي لطمأنة الداخل والخارج.

قبل أسبوع واحد من الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة التي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية، دخل حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن الشوط الأخير من الحملة، متصدراً استطلاعات الرأي ويضغط من أجل الحصول على الأغلبية المطلقة، في حين تعهد مرشحه لرئاسة الحكومة جوردان بارديلا بأن «يحترم جميع الفرنسيين»، وأن يكون رئيس وزراء يحمي مصالح الفرنسيين «بلا أي تمييز».

ورجح استطلاع أجراه معهد «إيلاب» لصحيفة «لا تريبيون» وآخر أجراه معهد «إيبسوس» لصحيفة «لو باريزيان» وإذاعة راديو فرنسا، أن يحصل «التجمع الوطني» وحلفاؤه، وبينهم إريك سيوتي رئيس حزب الجمهوريين (يمين الوسط)، على ما بين 35.5 و36 في المئة من الأصوات.

وفي المرتبة الثانية يأتي ائتلاف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري بـ 27 إلى 29.5 في المئة، في حين يحل معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي ثالثاً مع 19.5 إلى 20 في المئة.

مصالحة الفرنسيين

وطرح بارديلا، الذي قاد الحزب في الانتخابات الاوروبية ورشحته لوبن لتولي الحكومة في حال فوز الحزب بالانتخابات المبكرة، نفسه في موقع الشخصية القادرة على جمع الفرنسيين معتمدا لهجة وسطية. وقال في مقابلة مع صحيفة «لو جورنال دو ديمانش»: «أريد مصالحة الفرنسيين، وأن أكون رئيس الوزراء لجميع الفرنسيين بلا أي تمييز»، مردّداً أنه لن يقبل تولي المنصب إن لم يحصل على الأغلبية المطلقة في الانتخابات.

المستشار الألماني قلق ويأمل عدم فوز أنصار لوبن

وفي حال تحقق ذلك، تعهد بارديلا بأن يكون «رئيس وزراء للجميع، بما في ذلك من لم يصوتوا لي»، واعدا بـ«احترام جميع الفرنسيين، كائنا من كانوا ومن أينما أتوا»، في محاولة لتلطيف طروحات الحزب المتشددة ضد المهاجرين.

غير أن بارديلا تخلى عن تحفظه موجهاً انتقادات لاذعة إلى زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلونشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» الذي يعتبره خصمه لرئاسة الوزراء، محذرا من «خطر اليسار الأكثر تطرفاً والأكثر تعصبا».

ورفض ميلونشون، أن «يزيح نفسه أو يفرض نفسه» رئيساً للوزراء في حال فوز ائتلاف اليسار في الانتخابات، ووصف بارديلا بأنه «ماكرون مع طلاء من العنصرية»، مؤكدا أن الرئيس «يخوض حملة حتى يكون لديه رئيس وزراء من التجمع الوطني... يقضي وقته في مهاجمتنا».

قوة ثالثة

في هذه الأثناء، يتواصل انهيار شعبية ماكرون في استطلاعات الرأي، حيث تدهورت نسبة التأييد للرئيس إلى 28 في المئة، بتراجع 4 نقاط بحسب استطلاع معهد «إيبسوس»، متوافقاً مع استطلاع معهد «إيفوب»، الذي أشار إلى تراجع شعبية ماكرون 5 نقاط إلى 26 في المئة، بينما يبقى رئيس وزرائه غابريال أتال أكثر شعبية محققا حوالي 40 في المئة من التأييد ولو بتراجع 4 نقاط.

ويبقى المعسكر الرئاسي في مأزق بين التجمع الوطني والجبهة الشعبية الجديدة، فيدعو إلى «يقظة جمهورية» ضد «التطرف» اليميني واليساري على السواء، في حين أكدت رئيسة الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها ياييل براون بيفيه أن فرنسا «بحاجة إلى قوة ثالثة، مسؤولة ومتعقّلة، وقادرة على التحرك والطمأنة».



ضغوط للاستقالة

وبعد مطالبة لوبن لماكرون بالاستقالة كحل وحيد للازمة السياسية التي تعيشها البلاد، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيس فينسان مارتينيي، إن «خطأ ماكرون الأخلاقي سيكون هائلا» في حال خسر في الانتخابات، مضيفا «يمكن التصوّر أن الحل الوحيد المشرف سيكون الاستقالة»، وهو موقف أيده الرئيس السابق للمجلس الدستوري، بيير مازود، داعيا الرئيس ماكرون إلى «أن يستقيل من منصبه في حال فشل في الانتخابات».

وشبه مازود، الذي ترأس المجلس الدستوري في الفترة (2004-2007)، قرار حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات مبكرة بـ«مخاطرة البوكر» الفاشلة، مضيفا في مقابلة مع إذاعة «جي» أنه مع اختفاء الأغلبية الماكرونية «سيجد ماكرون نفسه أمام صعوبات أكبر من تلك التي أدت إلى حل البرلمان».

وأضاف أن ماكرون «حل البرلمان معتقدا أن اليسار لا يمكنه أن يتحد في مثل هذا الوقت القصير... لقد كان مخطئا. أنا أعتبر هذا الحل خطأ، وفي حال الهزيمة سيتعين على الرئيس الاستقالة لوقف هذا الوضع الخطير الذي تمر به فرنسا، وبالتالي تداعياته على أوروبا وحتى على العالم».

غير أن رئيس الوزراء غابرييل أتال رفض مجدداً هذه المطالب، مؤكداً لصحيفة «لو باريزيان»، أنه «مهما كانت النتيجة، فإن الرئيس سيظل رئيساً دائماً. السؤال الوحيد هو من سيكون رئيس الوزراء، وما هي الأغلبية التي ستحكم».

وكان ماكرون قام بأكبر مجازفة منذ وصوله إلى السلطة عام 2017، بإعلانه حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، في قرار أثار صدمة هائلة في فرنسا، اتخذه على ضوء فشله في الانتخابات الأوروبية أمام «التجمع الوطني»، الذي فاز بضعف عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب الرئاسي (النهضة).

ودافع ماكرون الذي واجه صعوبة في تطبيق برنامجه منذ أن خسر الاغلبية في الجمعية الوطنية في الانتخابات التشريعية الأخيرة في يونيو 2022، عن قراره مؤكدا أنه خيار ضروري لـ«توضيح» المشهد السياسي الفرنسي. وشدد على أنه لن يستقيل من منصبه أيا كانت نتيجة الاقتراع.

وعبّر المستشار الألماني أولاف شولتس أمس عن «قلقه» من احتمال فوز اليمين المتطرّف في فرنسا.

وقال شولتس لشبكة «أيه آر دي»: آمل أن تنجح الأحزاب غير المحسوبة على (مارين) لوبن في الانتخابات. لكن القرار يعود إلى الشعب الفرنسي. وكان شولتس خسر الانتخابات الاوروبية تماما كما ماكرون، وحل ائتلافه ثالثاً لكنه قال إنه لا داعي للدعوة الى انتخابات.



back to top