عرض رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا، جوردان بارديلا (28 عاماً)، الذي رشّحته زعيمة الحزب مارين لوبن لتولي رئاسة الحكومة، في حال الفوز بالانتخابات المبكرة المقررة نهاية الشهر الجاري، برنامجه الانتخابي، وحاول تقديم نفسه بطروحات أكثر وسطية، سواء بالداخل أو الخارج، مع التركيز على موضوع الهجرة الذي كان المحرّك الأساسي أمام الارتفاع التاريخي في شعبية الحزب.
وأكد بارديلا الذي بدا أنه يكرر تجربة رئيسة حكومة إيطاليا، جورجيا ميلوني، التي نجحت بإعادة تشكيل خطابها السياسي بعد فوزها التاريخي في الانتخابات، أن موضوع الهجرة يمثل «حالة طارئة» لحكومته المحتملة. وتعهّد بإعادة العمل بـ «جريمة الإقامة غير الشرعية» وزيادة مدة الاعتقال في مراكز الاعتقال الإداري، معرباً عن أمله في إقناع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإجراء استفتاء حول الهجرة.
ويعتزم بارديلا منع حاملي الجنسية المزدوجة من شغل «المناصب الحساسة»، فيما أوضح النائب من «التجمع الوطني»، سيباستيان شينو، أن الحظر سيشمل «الوظائف الحساسة الأمنية والدفاعية» وأنه سيكون هناك إجراءات بتصعيب الحصول على الجنسية الفرنسية.
وانتقد بارديلا ما أسماه الإنفاق «غير المسؤول» لحكومة الرئيس ماكرون، متعهدا بإجراء «تدقيق كبير لحسابات الدولة»، ومحاصرة «الإنفاق الذي يشجّع الهجرة وبعض الثغرات الضريبية المكلفة والمسيئة»، وإنشاء صندوق سيادي للسماح للفرنسيين بالاستثمار مباشرة في الاقتصاد الفرنسي.
ووعد بإطلاق «ثورة كبيرة» داخل المدارس، عبر سلسلة من الإجراءات لتعزيز النظام داخل الفصول الدراسية، كفرض الزي المدرسي الموحد، وحظر الهواتف المحمولة، فضلا عن «عدم التسامح» مع الطلاب الذين يعتبرون «مخربين» عبر وقف العلاوات والمنح الدراسية للطلاب الذين يعطلون سير الدراسة، وتوفير حماية للمعلمين.
وبالنسبة للسياسة الخارخية، أكد بارديلا أنه يعارض راهنا الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبراًَ أن ذلك يعني «الاعتراف بالإرهاب وإضفاء شرعية سياسية على منظمة ينصّ ميثاقها على تدمير دولة إسرائيل»، في إشارة إلى حركة حماس.
ووجّه تحذيرا لحزب الله اللبناني، وقال في هذا الصدد: «لدينا علاقات قوية للغاية مع لبنان، وأعتزم مواصلة هذه العلاقات، لكننا نراقب الوضع الدقيق بأقصى قدر من اليقظة، وخاصة على الحدود مع إسرائيل. إن الموارد المتاحة لحزب الله، سواء من حيث الأسلحة أو الموارد المالية، أكبر بعشر مرات من تلك التي لدى «حماس». ومن الواضح أنه إذا قام حزب الله بخطوة فإن العواقب ستكون خطيرة». وخلص إلى أن «الوضع في لبنان اليوم هو أن حزب الله دولة داخل الدولة»، معتبرا أن «لبنان دليل حي على أن الديموغرافيا تصنع التاريخ».
وردا على سؤال حول سياسته تجاه روسيا، أجاب بارديلا: «لا أنوي التشكيك في التزامات فرنسا، الأمر الذي من شأنه إضعاف فرنسا على الساحة الدولية»، واعتبر أن «روسيا تمثّل خطرا متعدد الأبعاد»، لكنّه استدرك «الخط الأحمر يظل قائما فيما يتعلق بإرسال صواريخ بعيدة المدى أو معدات عسكرية على وجه الخصوص، والتي يمكن أن تؤدي إلى التصعيد، أي معدات من شأنها أن تضرب المدن الروسية بشكل مباشر، لأنني أعتقد أن هذا سيخلق في المقام الأول الشروط لانخراط فرنسا وظروف التصعيد في مواجهة قوة نووية». وأشار بارديلا إلى أنه سيكون «يقظاً للغاية» أمام «محاولات التدخل من جانب روسيا»، مضيفاً «أعتبر روسيا تهديدا متعدد الأبعاد بالنسبة لفرنسا وأوروبا على حد سواء»، معربا عن أسفه لأن «روسيا تنافس المصالح الفرنسية» في «مناطق النفوذ التاريخي في إفريقيا» وفي البحر الأسود وحتى في أقاليم ما وراء البحار.