فعلاً من حقنا أن نتساءل: أين القوى الوطنية؟ فمنذ تحالفت السُّلطة مع المجاميع الدينية والقبلية بعد حل مجلس الأمة سنة 1976، منذ ذلك الوقت والقوى الوطنية مهمَّشة ومقصوصة الجناح. انكفأت على ذاتها، وتركت الساحة لقوى التخلف، وبالذات للحركة الدستورية، أو الإخوان المسلمين، لقيادة العمل السياسي، وبالتالي العبث بمقدَّرات البلد. وقد انتهى، أو بالأحرى أنهت القوى الوطنية دورها نهائياً بعد وفاة المرحوم عبدالعزيز الحمد الصقر، الذي كان حضوره يمثل حماية ورعاية للعمل الوطني في ذلك الوقت.

بعد وفاة عبدالعزيز الصقر انكفأت القوى الوطنية أكثر، واقتصر أقصى نشاطها على إصدار بيانات «مأخوذ خيرها» معظمها تتعلق بالوضع القومي العربي، تناهض التطبيع أو تستنكر المواقف الغربية ضد الحقوق القومية العربية. وبالكاد أولت هذه القوى الشأن المحلي اهتماماً، أو تدخلت بشكل فعَّال كما يجب في أموره.

Ad

أعتقد أن تمسُّك القوى الوطنية بمجلس الأمة ودفاعها عنه أضر بها كثيراً. فقد كان مجلس الأمة أو بالأحرى تحوَّل بعد التزوير والتجنيس والعبث بالجداول الانتخابية إلى أداة تخريب وتهميش للديموقراطية، وكان يستخدم هو نفسه لزيادة تهميش القوى الوطنية، وتوفير فرص وحظوظ أكثر للمجاميع القبلية والدينية للتوسع والهيمنة. انشغلت القوى الوطنية في الدفاع عن مجلس الأمة، وتخلَّت عن دورها الحقيقي في ريادة خطوات التنمية والتطوير، بحيث أصبح العمل السياسي في الكويت هو حماية مجلس الأمة، أو بالأحرى المادة 107 من الدستور، الخاصة بشروط وتبعات حل مجلس الأمة.

الآن مطلوب من هذه القوى أن تتحرك، وأن تستعيد دورها الريادي في التخطيط والإرشاد لتنمية البلد وتطوير مرافقه ومؤسساته. كما قُلنا: نعلم أن هناك تحفظات على الوضع، لكن هذا لا يدعو إلى الانكفاء الكُلي، وترك الساحة بشكل كامل للأطراف الأخرى.

لكن أنا أعتقد أيضاً أن القوى الوطنية، للأسف، حالها حال القوى الأخرى، لا تملك رؤى واضحة وبرامج محددة للتنمية والتطوير. لهذا هي تكتفي بدور «المناكف» أو المعارض، فهذا أسهل كثيراً من الاجتهاد في التخطيط والتفكير وإيجاد الحلول الحقيقية للتقدم والرقي.