حال اللاجئين السوريين في لبنان ربما تماثل حال العمالة الوافدة هنا، وليس كل العمالة الوافدة، وإنما تلك الفئة المسحوقة التي هربت من جحيم الفقر والبؤس في بلدانهم للعمل في خدمة متدنية، مثل عمالة التنظيف والبناء والحراسة، أو أي عمل آخر متدني الأجر، أو أحياناً من دون أجر حين يعتمد العامل على إكرامية الخيّرين وتتناسى الشركات التي يعملون فيها أجورهم وحقوقهم في السكن الإنساني. لا ننسى حريق المنقف، أو قطع الكهرباء عن العمارات المخالفة في شروط السكن، الفقراء هم مَن يدفع الثمن دائماً.
موقع درج يصف أوضاع هؤلاء اللاجئين السوريين في لبنان بـ «المزرية»، فهم يتجرعون عمليات الاضطهاد بصورة متكررة، في بلدة كوسبا - قضاء الكورة، يتم طرد المستأجرين فوراً وبمساعدة شرطة البلدية والجيش بعد إنذار صاحب المبنى لهؤلاء بالإخلاء الفوري، لا حاجة لحكم المحكمة، كما يظهر من عرض «درج».
سوسن اللاجئة السورية تقول: «مش قصة إقامات خالصة ولا مخالفات، هنّي ما بدُّن السوريين يظلوا».
سوسن كانت تسكن في المنزل لمدة 13 عاماً منذ قدومها للبنان، «قدومها» ليست الكلمة المناسبة، بل «هروبها ولجوئها» أكثر دلالة على المعنى، فمعظم اللاجئين السوريين هم من مناطق مغضوب عليها من النظام في سورية، مثل إدلب، ولا ضمان لسلامتهم إذا أرادوا العودة لوطنهم المدمر.
هي كراهية ومشاعر قرف واحتقار تتدرج هرمياً من الأعلى للأسفل، وإذا كانت الدولة الكويتية كسلطة تظهر أكثر رحمة وإنسانية لحال البؤساء في الكويت، على عكس لامبالاة الدولة اللبنانية ـ إن كان لبنان نافذة الشرق الخربة دولة بالمعنى الصحيح تملك السيادة على إقليمها ـ فمع ذلك تظل مشاعر الكراهية المثيرة للغثيان ظاهرة عند عدد كبير من الناس لدينا، كما نلاحظ في حملات السخرية ودعوات الطرد ضد العمالة المصرية، أو التحذير من وجود العزاب العمال، وكأنهم آفة مرَضية مُعدية.
الفيلسوف سلافو جيجك يرى أن خطاب الكراهية يُظهر مشاعر الاستعلاء والهيمنة. ملوك الكراهية يرون أنهم أفضل وأعلى شأناً من الأقل حظوة في الأموال أو في المركز الاجتماعي، فهم يدّعون مثلاً أنهم وحدهم الأحق بامتيازات قانونية لا دستورية يفترض أن يختصوا بها دون غيرهم من المواطنين، لهم كراهيتهم نحو أبناء المتجنسين، وكراهية واحتقار نحو البدون، وكراهية منهم للعمال الوافدين. هي كراهية للآخر أياً كان، هؤلاء الملوك المفلسون فكرياً يُسقطون كل الأمراض النفسية التي يحملونها على الغير الذين ليسوا من جماعتهم التي وحدها يجب أن تختص بالامتياز الاجتماعي والطمأنينة المالية، إذا كانوا يشعرون بالقرف نحو الآخر، فبدورنا نرى أنهم يجسّدون القرف الإنساني بكل معانيه.