تعيش المنطقة حالة من الترقب على وقع تزايد احتمال حصول عدوان إسرائيلي كبير على لبنان يفتح الباب أمام حريق إقليمي لا يمكن إطفاؤه، فيما بدا أن الاتصالات المتبادلة عبر القنوات الدبلوماسية باتت مقتصرة حالياً على تبادل التهديدات والتحذيرات، وأن التوصل إلى حل دبلوماسي قادر على معالجة المعادلة المستعصية على الحدود الجنوبية للبنان بين إسرائيل و«حزب الله» أصبح مهمة أكثر صعوبة دون أن يعني ذلك أنها مستحيلة.
في هذا السياق، كشف مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لـ «الجريدة»، أنه في حين يقوم الأميركيون والفرنسيون باتصالات دبلوماسية مع الأطراف اللبنانية وإسرائيل لمنع الحرب، فإن الاتصالات الأمنية بين إيران والولايات المتحدة وصلت إلى ذروتها في الأيام القليلة الماضية، حيث أعاد الجانبان تشغيل خط أحمر مباشر بينهما للمرة الأولى منذ إقفاله بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني قبل نحو 4 سنوات في بغداد.
وأفاد المصدر بأنه في الاتصال الأخير، أبلغت طهران واشنطن أن الحرب المحتملة في لبنان ستكون مختلفة جداً عن تلك الدائرة في غزة، وإذا قررت إسرائيل شن حرب واسعة النطاق على «حزب الله» فإن «جبهة المقاومة» ستدخل المعركة بقوة، وستقدم إيران كل ما لديها من إمكانات لحلفائها لشن هجمات على إسرائيل «من شتى الاتجاهات»، وبالتأكيد لن تقتصر المواجهة على إسرائيل والحزب.
ونقلت قناة «سكاي نيوزعربية»، عن مصادر إسرائيلية، أمس، أن تل أبيب تدرك أن وقوع حرب مع الحزب يعني مواجهة واسعة في المنطقة، وهي مستعدة لهذا السيناريو.
وأشار إلى أن إيران حذرت واشنطن من دعم أي هجوم إسرائيلي على لبنان، لأن ذلك يعني أن القوات الأميركية الموجودة في المنطقة وكذلك المصالح الأميركية ستكون «هدفاً مشروعاً»، لافتاً إلى أن إعلان الحوثيين في اليمن مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية آيزنهاور كان رسالة بما يمكن أن يحصل.
ورداً على تساؤل عن تهديدات الأمين العام للحزب حسن نصرالله في خطابه الأخير لقبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، قال الجانب الإيراني للأميركيين إن الرسالة الأساسية لنصراالله موجهة للاتحاد الأوروبي ومفادها أنه إذا شنت إسرائيل حرباً على لبنان فإن توسع الحرب لن يقتصر على الإقليم ومنطقة الشرق الأوسط بل سيتعدى إلى الدول الأوروبية.
وفي بيروت، تشير مصادر دبلوماسية متابعة إلى أن الأميركيين كثفوا مساعيهم وضغوطهم على الإسرائيليين لتجنب حرب في لبنان نظراً لمخاطرها. وبحسب المعلومات فإن نتنياهو يقترب من الاقتناع بتأجيل عملية عسكرية واسعة مقابل الحصول على أسلحة أميركية متطورة يحتاجها في غزة، وأيضاً يحتاج لاستخدامها في لبنان كتعويض عن الحرب أو كبديل عن أي اجتياح بري، لا سيما أنه يطالب بأسلحة قادرة على إحداث دمار كبير لما يزعم أنها «أنفاق حزب الله».
ونقلت «القناة 12» العبرية، أمس، عن مصادر إسرائيلية أن تل أبيب تحتاج إلى أسلحة «غير اعتيادية» لوقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية. وكانت «الجريدة» أول من تحدث في عددها الصادر الجمعة الماضي عن إمكانية استخدام إسرائيل لهذا النوع من الأسلحة، وذلك نقلاً عن مصدر دبلوماسي غربي في القدس، والذي أشار خصوصاً إلى امتلاك تل أبيب قنابل تكتيكية تستطيع محو مربعات كاملة من نصف كيلومتر إلى 3 كيلومترات مربعة.
وبحسب أجواء الحزب، فإنه على المستوى السياسي يستبعد الحزب أن تشن إسرائيل حرباً واسعة طالما أنها غير قادرة على الانتهاء من غزة، وأن ما يجري حالياً يدخل في خانة تهويل وحرب نفسية، لكنه على المستوى العسكري يتعاطى وكأن الحرب واقعة ويتخذ كل الإجراءات اللازمة.
وتتحدث مصادر أمنية وعسكرية عن توفر معطيات حول استعداد الجيش الإسرائيلي لشن عملية عسكرية محدودة داخل الأراضي اللبنانية لإبعاد الحزب عن الحدود. وبحسب المعلومات، فإن هذا الهجوم في حال حصوله، من المحتمل أن يبدأ بعملية تسلّل أو اقتحام بري عبر بلدة واحدة أو أكثر بشكل متزامن عبر عدة بلدات محاذية للشريط الحدودي، وأن «حزب الله» اتخذ إجراءات للتصدي لمخطط مثل هذا.