شهدت الكويت يوم الأربعاء 18/6/2024 انقطاعا واسعا للكهرباء شمال مناطق سكنية في مختلف مناطق الكويت، وللأسف هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها البلاد انقطاعاً واسعاً للكهرباء، ففي عام 1983 تم قطع الكهرباء عن معظم مناطق البلاد، وتكرر القطع لعدة أيام، وعلى أثر ذلك شكلت الحكومة فريقا فنيا لبحث أسباب انقطاع الكهرباء ووضع الحلول لتفادي المشكلة في المستقبل.
ولهذا الغرض استعانت الحكومة بفريق فني بريطاني من «CEGB»، وبعد دراسة الأسباب والحلول تم وضع خطة بأن تقوم وزارة الكهرباء ببناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء كل 5 سنوات، وهي المدة التي يستغرقها بناء محطة جديدة على أساس نمو سنوي للاستهلاك يعادل 7.5%، على أن تقوم الوزارة بإعداد المواصفات الهندسية والفنية وميزانية تقديرية لتكلفة وإعداد مناقصة لطرح محطة جديدة، بعد تشغيل المحطة التي كانت قيد الإنشاء، واستمرت الوزارة في العمل بهذه الخطة، ومنذ ذلك الحين لم تقم الوزارة ببناء محطة جديدة لتوليد الكهرباء تلبي احتياجات التوسع في العمران والمشاريع وزيادة السكان.
ومن الأسباب التي أدت إلى انقطاع الكهرباء:
1- التخلي عن الخطة السابقة الذكر والتوقف عن بناء محطات جديدة منذ 20 سنة، بسبب تضارب الأفكار والتردد في اتخاذ القرار وتقديم دراسات فنية ومالية غير مستوفية الدراسة.
2- تعثر فكرة مشاركة القطاع الخاص في بناء محطات توليد الكهرباء، بسبب عدم نضوج الفكرة وغياب الأسس الصحيحة للتعامل معها، إضافة إلى تداخل المصالح الشخصية.
3- التغيير المستمر لقياديي الوزارة، وتغيير الوزراء، مما أدى إلى فقدان الخبرة لدى القياديين، ما دفع إلى الاعتماد على عمالة وافدة ذات خبرات متواضعة، وبالتالي أدى إلى تقديم دراسات ومشاريع غير ناضجة وكثرة تغير القرارات.
4- تضارب المصالح الشخصية وانتشار الفساد وتأثير ذلك على خطط الوزارة وقراراتها.
5- ضعف مستوى صيانة المحطات والمعدات والرقابة الدورية.
6- الإسراف الشديد في استهلاك الكهرباء بسبب رخص أسعار البيع، حيث تباع سعر الوحدة بأقل من 80% من تكلفتها.
وتم طرح حلول كثيرة لعلاج المشكلة ورفع مستوى الخدمات التي تقدمها الوزارة ومنها:
1- تحويل الوزارة إلى مؤسسة عامة بإدارة مستقرة ومجلس إدارة من أهل الخبرة والكفاءة، وقد تم طرح هذا الاقتراح منذ سنوات طويلة، ولكن للأسف واجه معارضة، خصوصاً من بعض المتنفذين أصحاب المصالح الشخصية، بالرغم من الدراية الوافية وموافقة جميع الجهات الرقابية، وعندما تم طرحه منذ سنوات قليلة على مجلس الوزراء تمت إحالته إلى لجنة وزارية وضعته في الأدراج.
2- إسناد بعض اختصاصات الوزارة إلى القطاع الخاص، كما هو معمول به في معظم دول الخليج، على أساس استثمار مشترك تحتفظ فيه الدولة بالأغلبية بالملكية، لضمان نجاح المشروع.
3- رفع أسعار بيع الكهرباء عن طريق شرائح حسب الاستهلاك، مع مراعاة الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي تضم المتقاعدين وأصحاب الدخل المحدود ومتلقي المعونات وغيرهم، وقد تم طرح هذا الاقتراح مرات عديدة، لكن لم تتم الموافقة عليه، بسبب معارضة أعضاء مجلس الأمة وكذلك الإسراع في إنجاز مشروع العدادات الذكية.
4- إعداد برامج تدريبية للعاملين في الوزارة، وخصوصا القياديين، لرفع كفاءتهم والاستعانة بالخبرة الأجنبية للعمل كمستشارين أو العمل في الوظائف الفنية التي تحتاج إلى خبرة طويلة.
5- الاستعانة بخبرات وتجارب إخواننا في الخليج وكذلك الدول المتقدمة.
6- الإعانات بإقامة المشاريع التي تعتمد على الطاقة الشمسية والقيام بالبحوث في هذا المجال، بالمشاركة مع معهد الكويت للأبحاث العلمية.
7- تشجيع إقامة صناعات مساندة لأعمال وزارة الكهرباء.
الكويت لا تنقصها موارد ولا كفاءات وطنية وكل ما تحتاج إليه هو إدارة تتمتع بالخبرة والكفاءة والإخلاص وتقديم المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة.