في ظل جهود دبلوماسية محمومة لاحتواء التوتر المتصاعد في المنطقة على خلفية حرب غزة، المتواصلة منذ 263 يوماً، بهدف منع تحوّله إلى نزاع إقليمي شامل، اصطدمت مهمة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الموجود في واشنطن حالياً بهدف «حلّ الخلافات المتنامية» بين الحليفين وإعادة تسريع إمدادات السلاح والذخيرة الأميركية لبلده بـ «رسائل حادة» تبادلتها إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن مع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الساعات الأخيرة.

Ad

وتحدثت صحيفتا يديعوت أحرونوت وهآرتس أن الرسائل جاءت بعد أن اعتبر الجانب الأميركي أن تصريحات نتنياهو التي أدلى بها أمس الأول بشأن صفقة التبادل والهدنة التي طرحها بايدن أوخر مايو الماضي، أضرّت بالضغط على «حماس»، إضافة إلى تمسّك رئيس الائتلاف اليميني المتشدد بالشكوى العلنية من تأخر إمدادات الذخيرة والأسلحة اللازمة لـ «خوض المعركة على 7 جبهات».

وذكرت عدة تقارير عبرية أن «الرسائل الحادة» جاءت بالتزامن مع المباحثات التي استهلها غالانت بلقاء مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن لمناقشة «المرحلة الثالثة» في غزة، قبل أن يلتقي رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ويليام بيرنز، المسؤول الأميركي الرئيسي في المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين بالقطاع، أمس.

وخلال اجتماعه مع بلينكن، أكد غالانت أهمية حل الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة بسرعة، مشيراً إلى أن «أنظار الأعداء والأصدقاء تتجه نحو العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة». وناقش الطرفان ضرورة ممارسة ضغوط إضافية على «حماس» لتعزيز عودة المختطفين، مع التركيز على الترويج للبديل الحكومي في قطاع غزة، وتغيير الوضع الأمني في الشمال، بمواجهة «حزب الله» اللبناني، لإعادة السكان إلى منازلهم.

وأوضح غالانت أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذه المهمة مهم جداً، ويؤثر بشكل كبير على سلوك «حزب الله» وإيران.

ولاحقاً، التقى الوزير الإسرائيلي نظيره الأميركي لويد أوستن في «البنتاغون» لمواصلة مناقشة القضايا الأمنية الحيوية. وقبل أن يعقد غالانت لقاءات مع أعضاء «الكونغرس»، شدد على أن التزام إسرائيل الأساسي هو «إعادة المحتجزين، من دون استثناء، إلى عائلاتهم ومنازلهم». وأضاف: «سنواصل بذل كل جهد ممكن لإعادتهم».

ووسط توقعات دولية بأن تطول الحرب التي دخلت شهرها التاسع في غزة لأشهر عدة، زعم مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي يمكنها الشروع في تنفيذ «خطة اليوم التالي» من دون الانتظار إلى حين «اختفاء حماس».

وفي وقت يشكّل ملف تحديد رؤية مستقبلية لإدارة القطاع الفلسطيني نقطة خلاف شديدة بين واشنطن والدولة العبرية، قال هنغبي: «لا نستطيع التخلص من حماس كفكرة، فنحن بحاجة إلى فكرة بديلة».

وأضاف هنغبي، في مؤتمر جامعة ريخمان بهرتسليا، أمس: «تم تجهيز خطة اليوم التالي لحماس خلال الأسابيع الأخيرة، وسنرى تعبيراً عملياً عن هذه الخطوة قريباً».

تمسُّك ونفي

في غضون ذلك، جدد «البيت الأبيض» تمسّكه بخطة بايدن المرحلية لوقف القتال بغزة، مؤكدا أن الإسرائيليين «أبلغونا بوضوح خلال المحادثات الخاصة أنهم يواصلون دعم صفقة الرهائن»، فيما نفى القيادي في «حماس» عزت الرشق الأخبار المتداولة التي تفيد بنقل مكتب الحركة من العاصمة القطرية الدوحة إلى العراق، لتصبح تحت حماية إيران في بغداد.

وقال عضو المكتب السياسي للحركة إنه «لا صحة لما تردد عن تخطيط حماس لمغادرة قطر والانتقال إلى العراق».

وكانت تقارير قد نقلت عن مصادر عراقية قولها إن الحكومة في بغداد وافقت على استقبال مكتب «حماس»، وإن إيران ستتولى حماية المكتب وقيادات الحركة التي تتعرّض لضغوط من قبل الوسطاء بالمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل لدفعها لقبول خطة بايدن.

من جانب آخر، كشف القيادي في «حماس»، موسى أبو مرزوق، خلال وجوده في موسكو، أن الحركة مستعدة لإعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهينتين اللتين تحملان الجنسية الروسية، بشرط التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، فيما أفادت تقارير بأن رئيس السلطة الفلسطينية زعيم حركة فتح محمود عباس سيزور روسيا قريباً، بعد تعثّر مسار المصالحة بين الحركتين الذي توسطت فيه بكين. ميدانياً، قتلت القوات الإسرائيلية 35 فلسطينيا في 3 غارات جوية منفصلة على مدينة غزة، وتسببت ضربة إسرائيلية على منزل في مخيم الشاطئ لعائلة زعيم «حماس» المقيم في الدوحة، إسماعيل هنية، في مقتل إحدى شقيقاته و10 آخرين من عائلته.

واعتبرت الحركة أن المجازر التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي، ومنها قصف منزل عائلة هنية بمخيم الشاطئ، تأكيد على تعمده استهداف المدنيين، محمّلة إدارة بايدن «مسؤولية استمرار الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بمنحها الاحتلال الغطاء السياسي والعسكري للتدمير».

وجاء ذلك في وقت أعلن «الدفاع المدني» في غزة عجزه عن الاستجابة لنداءات الاستغاثة، بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت 5 مراكز لإيواء النازحين في القطاع خلال الـ 48 ساعة الماضية، مما تسبب في مقتل وإصابة العشرات.

على المستوى الإنساني، حذّر تقرير دولي لمراقبة الجوع عالميا من أن «خطر المجاعة لا يزال قائما في جميع أنحاء غزة» التي لم تدخلها أي مساعدات برية منذ نحو 50 يوما في ظل استمرار إغلاق معبر رفح عقب احتلال إسرائيل لجانبه الفلسطيني.

وذكر التقرير أن نحو 96 بالمئة من سكان غزة يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام حاد للأمن الغذائي في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع الساحلي.

وغداة تقدير «هيئة إنقاذ الطفولة» عدد الأطفال المفقودين في فوضى الحرب الإسرائيلية بنحو 21 ألف طفل، ذكرت «أونروا» أن 10 أطفال يفقدون ساقا أو ساقين في غزة يومياً.