شهد لبنان جولة سجال بين قوى ومؤسسات وشخصيات دينية مسيحية وشيعية، بعد أن قاطع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لقاء دعا إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي أمس الأول، فيما اتهم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الكنيسة «بخدمة الإرهاب والإجرام العالمي»، تعليقاً على عظة للراعي يوم الأحد الماضي وصف فيها عمليات تشن في الجنوب اللبناني بالإرهابية، فيما قالت مصادر كنسية إن الراعي لم يقصد حزب الله بل «الفصائل غير المنتظمة وغير اللبنانية التي تطلق من لبنان عملياتها وكأننا عدنا بالزمن إلى فتح لاند».

وقال رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» ​سمير جعجع إنّ «المرء يستطيع أن يكون له الرّأي الّذي يريد، لكن لا أحد يستطيع القول إنّ الكنيسة وراعيها في خدمة الإرهاب الصّهيوني، فهذا مرفوض كليًّا بين المكوّنات اللبنانيّة، خصوصا مع مرجعيّة تاريخيّة على غرار ​بكركي​، ولأنّه بعيد أيضًا كلّ البُعد عن الواقع والحقيقة».

Ad

ووصف حزب الكتائب اللبنانية كلام المفتي قبلان بأنه «تحريض واضح على دور بكركي، وفيه من الطائفية البغيضة ما لم نسمع مثيلا له في عز الحرب اللبنانية»، فيما أسف النائب نديم الجميل، على «مقاطعة المجلس الإسلامي الشيعي للقاء بكركي»، معتبرا أن «المؤسف أكثر والمعيب هو مشاركة رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبوكسم في احتفال اطلاق كتاب الغدير والأمامة برعاية المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في ظل الهجوم الذي يتعرض له البطريرك وبكركي. لا بالمسايرة ولا بالانبطاح يرد اعتبار بكركي».

أما الأب أبوكسم، فقال في حديث للـ OTV إنّ «البطريرك الراعي أصر على مشاركتي بالندوة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لأن بكركي لا تقاطع أحداً، وهي على تواصل مع الجميع».

وأضاف: «لا سوء نية، وما حصل غيمة ومرت ولا قطعة ستحصل بين بكركي والطائفة الشيعية، وهذا ما أؤكده من جهتنا». وأردف تعليقًا على كلام الشيخ أحمد قبلان: «هذا الكلام بغير محله تجاهنا ولا نقبل به كمسيحيين، ويا سماحة الشيخ اذا كان هناك ما تقوله لنا فيمكن قوله مباشرة فيما بيننا، وأتمنى مقاربة الأمور بعقلانية وهدوء».

أما نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، فقد قال بعد استقبال سفير إيطاليا في لبنان افابريسيو مارسيللي إنه «لم تكن هناك مقاطعة للموفد البابوي الذي كان يزور لبنان، وان علاقة المجلس الشيعي بالفاتيكان ممتازة، ويسودها الود والاحترام، لكن موقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يوم الأحد بالنسبة للمقاومة هو الذي فرض علينا عدم المشاركة، وكنا نتمنى توضيحا من البطريركية لهذا الموقف، وقد جاء التوضيح متأخرا من خلال المونسينيور عبده ابوكسم، إلا أن هذا لا يعني مقاطعة بين المجلس الشيعي وبكركي، خصوصا اننا ننسق مع البطريركية في معظم الأمور التي تخدم الوطن، وقد كانت لنا زيارة مؤخراً للصرح البطريركي، وفي الخلاصة نؤكد حرصنا الدائم على العلاقة الطيبة مع الفاتيكان».

جاء ذلك، فيما أعلن السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، تضامن الجامعة العربية مع لبنان إزاء ما يواجهه من مخاطر في الجنوب، وذلك في مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في العاصمة بيروت، في اطار جولة على المسؤولين اللبنانيين بدأت أمس الأول.

وفي موضوع رئاسة لبنان، قال زكي إن «حل أزمة الشغور الرئاسي يتطلب المزيد من التشاور بين القادة السياسيين”، وأوضح أن الجامعة «تدرك أهمية التوصل إلى توافق سياسي لحل أزمة الشغور الرئاسي التي تؤثر على استقرار البلاد”.

من ناحيته، دعا أمين سر دولة الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، من بيروت أمس أطراف النزاع في الشرق الأوسط إلى قبول «مقترحات السلام» التي اقترحها الرئيس جو بايدن لوقف الحرب في غزة، مشيراً إلى أن المنطقة وضمنها ولبنان «ليست بحاجة إلى حرب».

من ناحيته، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، في مؤتمر صحافي بعد استقبال بارولين «السعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقا من الجنوب»، داعياً الى «عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي».

وغداة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الى الحدود مع لبنان وتعهّده بمواصلة القتال حتى النصر، أعرب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، عن قلقه من احتمال اتساع رقعة الحرب الإسرائيلية ضد «حماس» في غزة إلى لبنان، محذراً من أن ذلك يمكن أن يكون «مروعاً».

وقال غريفيث، الذي تنتهي ولايته بنهاية الشهر، للصحافيين في جنيف: «إني أرى ذلك بمنزلة الشرارة التي ستشعل النار في البارود... وهذا يمكن أن يكون مروِّعا».