حذر مجلس الوزراء، الذي سينقل الكويت قريباً إلى مصاف الدول المتقدمة بأكثر من سنغافورة واليابان، من «خطورة نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة» في وسائل التواصل الاجتماعي والخدمات الإخبارية، وهددت الحكومة بأنها ستتخذ «كل الإجراءات القانونية» ضد مروجي الإشاعات! لم تقل الحكومة هذه المرة إنها «ستضرب بيد من حديد»، وهذا يعد بحد ذاته صيغة متقدمة للغة الوعيد والتهديد السلطوية.

لا أعلم أي إشاعات أزعجت الحكومة غير «السالفة» التافهة التي تعرضت لها وزيرة الأشغال د. نورة المشعان عند توقيفها بالخطأ من الشرطة، وهي كذبة في منصة إكس، بالتأكيد عانى مروجوها حالة الفراغ والملل في بلد البهجة والأحلام الوردية، فأضحى ترويج القيل والقال، وماذا قال فلان وعلان، في وقت ثقيل بات الكثير من الحديث الجاد لا ينصت له، وأصبحت وجهة النظر المختلفة عن الخطاب السلطوي المهيمن معرضة للمساءلة القانونية، أضحى يلقي بصاحبه في أتون السجن سنوات طويلة... د. نورة ستلجأ إلى القضاء لإنصافها، وهذا حقها من دون شك.

Ad

الناس تتوقع اليوم من الحكومة، وسكتها سالكة مفروشة بالورد مع عدم وجود مجلس برلماني «معرقل»، مثلما كان يروج في السابق، أن تقدم تصوراتها لمشكلات الدولة المزمنة منذ عقود طويلة، ولا حاجة لتكرارها، فهي ليست محصورة بمشكلة الشوارع «المحفرة» والتعليم وإدمان النفط وكارثة ألوف القادمين لسوق العمل، ولا مكان لهم غير القطاع العام الذي أضحى مباني خاوية - كما نرى قرب معرض مشرف - بإدارة بيروقراطية قاتلة، مثلما يحدث مع طوابير الواقفين للبصمة البيومترية (ما مناسبتها غير إحكام قبضة السلطة الأمنية؟).

لا نطلب الآن أن نلمس التغيرات على أرض الواقع المادي، يكفي أن تقدم الحكومة «تصوراً» لمشاكل البلد وتطرح حلولها المقترحة، لا يكفي الحديث المسهب عنها، بل عليها أن تقدم البرنامج الزمني للتنفيذ، وأيضاً تظهر ولو قليلاً من بوادر الحلول، قد لا يكون لديها الخبراء المختصون من الكويتيين والكويتيات، أو قد يكون الخبراء المحليون نفضوا أيديهم من اليأس القديم عن «سيفوه وخلاجينه»، إذن لم لا تستعين الحكومة بالخبرات الأجنبية لتقدم دراساتها وتمضي في طريقها، لعلها تلحق بمن سبقها بأشواط طويلة؟! كانت السلطة تجد أعذارها في الماضي بالمجلس شبه الديموقراطي كحجر عثرة في طريق التحديث والإصلاح، فما عذرها اليوم؟!